Okaz

رصيد متساو واستثمار مختلف!

ﺃﻓﻴﺎﺀ

- عزيزة المانع azman3075@gmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250, موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة

غـازي القصيبي رحمه الله، كان ماكينة إنتاج ال تتوقف، تلقاه يكتب مقاالت في الصحف، وينشر مؤلفات، وينظم القصائد، ويلقي املحاضرات، ويظهر في لقاءات إعامية، وفي الوقت نفسه يمارس عمله الوظيفي بنجاح! سأله مـرة أحـد الصحفين متعجبا من مقدار ما لديه من عطاء، وكيف يجد وقتا لكل ذلك؟ كان رده جميا، واقعيا، قـــال: «خـــال ســاعــة واحــــدة مــن الــزمــن، تستطيع أن تكتب عشرين رسالة، أو أن تقرأ خمسن صفحة، أو أن ترد على عشر مكاملات هاتفية، أو أن تستقبل أربعة زوار. وتستطيع أن تجلس محدقا فـي الفضاء تشكو عسر الهضم أو قلة النوم أو انخفاض أسعار العملة. أريد أن أقول إني ال أقضي سـاعـة واحـــدة مــن ســاعــات الـصـحـو أحـــدق فــي الـفـضـاء، أو أشكو.»! هـــذه هــي الـحـقـيـق­ـة، أن الــذيــن يـشـتـكـون مــن ضـيـق الوقت، يـفـعـلـون ذلـــك ألنــهــم لــم يـحـسـنـوا الــتــصــ­رف فــي استثمار رصــيــدهـ­ـم مـــن الـــســـا­عـــات. فــالــنــ­اس يـــتـــسـ­ــاوون فـــي حجم الرصيد من ساعات اليوم، لكنهم يتفاوتون في مقدار ما يستثمرونه منه. نحن نملك في كل يوم أربعا وعشرين ساعة، إن نحن تدبرنا كيفية استثمارها، وابتعدنا عن تبذير ما نملك من رأسمال زمني في الاشيء، سنجد أنفسنا أثرياء باإلنجاز والعطاء السخي. لكن كثيرين منا ال يفعلون ذلك، هناك من يبددون سـاعـات الـيـوم فـي ال شــيء، ينفقون مـن رصـيـدهـم الزمني بــا مــبــاالة، فـكـم مــن الــوقــت يـهـدر فــي االنـتـظـا­ر فــي عيادة الطبيب، أو في املطار، أو في متابعة حــوارات تافهة على الواتساب أو على تويتر، أو أمام التلفزيون، أو في قاعات حفات األعراس، حتى إذا ما جن عليهم الليل ولم ينجزوا ما أرادوا، ضاقت صدورهم وأخذوا يجأرون بالشكوى من قصر النهار وشح الوقت! رغم أن السفه في إنفاق الوقت، ثقافة مجتمعية يستقيها الفرد مع ما يستقي من أساليب التنشئة التي تقدم له، إال أن ذلك ينعكس أثره سلبا على بعض الناس في إحساسهم بـالـتـفـا­هـة وعـــدم اإلنــجــا­ز، فيسبب لـهـم ذلــك الـسـخـط على أنفسهم وعدم الرضا عنها. ومن املعروف لدى علماء النفس أن هناك عاقة طردية بن اإلنجاز والرضا عن الذات، والشعور بالسعادة، كلما رضي اإلنسان عن نفسه اتسع حجم شعوره بالسعادة، فضا عن أن ملء ساعات اليوم بعمل يحبه اإلنسان، يقلل من شعوره بالحزن والقلق والتوتر، فتسترخي أعصابه وتسري في عروقه لذة الراحة. مــن األحـــادي­ـــث املــعــرو­فــة لـكـثـيـري­ـن أن اإلنــســا­ن يــســأل يوم القيامة عن عمره فيم أفناه؟ وما العمر! إال (دقائق وثواني) كما يقول شوقي. كيف تمأل ما تملكه من تلك الثواني، هو ما يصنع الفرق. وفي النهاية األمر بيد الله سبحانه، يضع بركته في األعمار كـمـا يــشــاء، فمنها مــا ينقضي مـثـقـا بـالـعـطـا­ء واإلنجاز النافع، ومنها ما يمر فارغا هشا كسحابة صيف.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia