هل يصلح ترمب ما أفسده أوباما ؟
ما تم االتـفـاق عليه واالجتماع حوله في قمم الـريـاض الثالث يؤكد ضمن أمور عدة مكانة اململكة إقليميا ودوليا، ما جعلها في سلم أولويات الرئيس ترمب، وأن تكون أول دولــة يـزورهـا، كاسرا بذلك عرفا بروتوكوليا حافظ عليه كل رؤســاء أمريكا السابقون، أن تكون أوروبــا أو كندا أولـى زياراتهم الـرسـمـيـة. مـكـانـة اململكة الـديـنـيـة بـاحـتـوائـهـا الـحـرمـن الـشـريـفـن، ومتانة اقتصادها واعتماد اقتصادات عاملية عليه، أعطى اململكة ما سمي بالقوة الناعمة املؤثرة، كان ذلك في عهد سادت فيه قوة املنطق، وبعد أن عملت إيران على تسييد منطق القوة، كان لزاما على اململكة التحرك لحماية مصالحها بامتالك ما يسمى القوة العسكرية وتقوية جيشها الوطني. لفتني مثال إعــالن إنـشـاء شـركـة وطنية للصناعات العسكرية، حتى قبل وصـــول تــرمــب لــلــريــاض، وقــيــام مـصـنـع تجميع ملــروحــيــات عـسـكـريـة، وما تمخض عن اجتماعات املختصن من الجانبن أثناء وبعد القمة بن خادم الحرمن والرئيس ترمب، فيما يدعم التوجه السعودي بإعداد القوة القادرة عـلـى حـمـايـة مصالحها وحــدودهــا. أمـــور كـهـذه كـانـت ال تـجـد تـجـاوبـا من الرئيس السابق أوباما، لدرجة أنه كان يفكر في إدارة ظهره للمنطقة ككل، وكانت فكرة العزلة تناقش علنا في الصحف األمريكية، غير أنه ارتكب غلطة العمر في االتفاق النووي مع إيران، ظن أن إيران وصلت مرحلة متقدمة في صنع السالح النووي، وأن ال مناص من مهادنتها حتى ال تتحول إلى دولة مـارقـة، لم يخدعه اإليرانيون في هـذه فقط، بل غضوا نظره عن سيطرتهم على أربـع عواصم عربية، وطمسوا رؤيته عن محاولتهم تصدير أفكارهم املتطرفة، ورغبتهم الدفينة بحكم العالم اإلسالمي. كل هذا همش دور أمريكا فــي املـنـطـقـة، بــل وعـاملـيـا، وعـلـى الـعـكـس يـريـد تـرمـب اسـتـعـادة دور أمريكا بتمتن تحالفها مع حلفائها التقليدين الذين لم يكونوا سببا في اضطراب املنطقة، وهنا التقت املصالح. اعتماد الرياض عاصمة القرار العربي واإلسالمي يفرض التزامات عدة على اإلدارة األمريكية، محاربة اإلرهاب على الطريقة األمريكية التقليدية لم يعد مجديا، وســـواء جلست أمريكا أمــام مـقـود آلــة محاربة اإلرهـــاب أو بجانب سائق اآللية، عليها مواجهة ما يسمى باإلسالموفوبيا التي سببها واملساهم في تضخيمها اإلعــالم الغربي وبـالـذات األمريكي. اململكة كممثلة لإلسالم ال تتقبل املعامالت املميزة ضد املسلمن، ملجرد كونهم مسلمن، واململكة، كممثلة للعرب، ال تقبل املساس بوحدة التراب العربي وضد الساعن لتقسيم دوله، ويهم اململكة، كممثلة للعرب واملسلمن حال عادال في فلسطن، ولدى اإلدارة األمريكية الحالية صورة من املبادرة العربية التي طرحتها اململكة وتـبـنـتـهـا الـجـامـعـة الــعــربــيــة، والــتــي مــــازال الـصـلـف (اإلســرائــيــلــي) يحاول إجهاضها. أخيرا وليس آخرا، يهم اململكة وقف التمدد اإليراني في العاملن العربي واإلسالمي بمزاعم وأساطير روجتها إيـران باسم الدين اإلسالمي، واإلسالم منها براء، تساهل أوباما هنا أعطى إيران رسالة خاطئة أن بإمكانها حكم العالم اإلسالمي، فهل تفي صالبة ترمب في إزالة هذا الوهم؟.