Okaz

مايو

-

كان مشهدًا مهيبًا في قصر امللك عبدالعزيز للمؤتمرات بالرياض بــعــد ظــهــر يـــوم األحــــد، الــقــصــ­ر الــــذي خــطــف أنــظــار الــحــضــ­ور من إعـامـيـني ومـراقـبـن­ي ودبلوماسين­ي مـن كـل دول الـعـالـم بفخامته االستثنائي­ة وكأنه صمم لهذه املناسبة التاريخية، الجميع كانوا يترقبون ماذا سيقال وماذا سيحدث وعلى ماذا سيتفق هذا الحشد غير املسبوق من قادة العالم العربي واإلسامي مع رئيس الواليات املتحدة األمريكية، الذي يصل الرياض في أول زيـارة خارجية له وفي ظل ظروف بالغة الحساسية والتأزم. الصحفيون ومندوبو وسائل اإلعام العاملية يجوبون القاعات الباذخة ليستطلعوا آراء الحضور وتوقعاتهم، الكل كان متفائا لكن التفاؤل لم يكن ليصل إلى ما أسفرت عنه القمة بنتائجها التي فاقت أفضل التوقعات. كان امللك سلمان في خطابه واضحا ومباشرا وصادقا وأمينا في طــرح الحقائق وتشريح الـواقـع وتسمية األشـيـاء بأسمائها دون مـواربـة، لقد تجلت فيه الخبرة الطويلة في التعاطي مع قضايا السياسة، وأيضا الحزم والعزم في التعبير عن املوقف السعودي والعربي واإلسامي تجاه كل ما يحدث، لكن كان الترقب واالنتظار املقلق ملا سوف يقوله الرئيس ترمب. هل سيكون مفاجأة سلبية تقوض اآلمـال والتطلعات، أم إيجابية تفتح بوابات األمـل بواقع جــديــد يـسـعـى إلنــهــاء املــآســي اإلنــســا­نــيــة الــكــارث­ــيــة الــتــي تعصف بالعالم وتجعله في أسوأ مراحله في العصر الحديث. بــعــد عـــبـــار­ات املــقــدم­ــة الــبــروت­ــوكــولــ­يــة الــتــي حـــرص خــالــهــ­ا على التعبير بشكل حميم ومؤثر عن دهشته وامتنانه للحفاوة التي لم يتوقعها دخل الرئيس ترمب في امللفات الهامة ليغير بشكل جذري االنطباعات السابقة عن توجهاته خال حملته االنتخابية والفترة القصيرة التي تلت دخوله البيت األبيض. كان خطابا عالي اللغة بالغ الوعي بااللتزام السياسي واألخاقي اإلنساني ألمريكا تجاه القضايا الراهنة وفي مقدمتها اإلرهــاب ورعاته وفكره ومنابعه وتمويله، وكذلك طبيعة العاقات املستقبلية بني أمريكا والعالم الـعـربـي واإلســامـ­ـي بالتشديد على االحــتــر­ام املـتـبـاد­ل والتعاون املشترك الـجـاد مـن أجــل األمــن والــســام، وقــد تمت صياغة البيان الختامي للقمة ليؤكد على تنفيذ أهم االلتزامات التي وردت في كلمات امللك سلمان والرئيس ترمب وبقية القادة الذين تحدثوا. نكرر القول إن أكثر املتفائلني لم يكن يتوقع ما انتهت إليه القمة، لكنها الرياض التي تفرش طريق األمل وتضيء مصابيح التفاؤل بـأدائـهـا السياسي االستثنائي املــســؤو­ل واملـخـلـص واملـتـرفـ­ع عن الهامشيات بالتركيز على املصيري في مستقبل العرب واملسلمني واإلنسانية با استثناء.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia