Okaz

‪ÂöŽù« w ‚UHM‬

-

يتحدث تاج الدين عبد الحق، اإلعالمي األردني املعروف، في كتابه )أعالم وإعـالم(، عما يعاني منه اإلعالم العربي من مشكالت وضعف بنيوي واصطباغ بالقوالب الشكلية والــنــفـ­ـاق االجــتــم­ــاعــي، ويــصــف كــل ذلـــك بـطـريـقـة واقعية وصادقة، تستوقفك للتأمل فيها. في أحد مقاالت الكتاب يتحدث عن مشكالت اإلعالم التي يواجهها مع بعض مؤسسات املجتمع، فتسهم في إضعافه وتشكيل بعض عيوبه. مــن هـــذه املــشــكـ­ـالت مــعــانــ­اة اإلعــــال­م مــع بـعـض املسؤولن الذين ينظرون إليه )كتشريفاتية(، وظيفته االحتفاء بهم واإلشــارة إلى مناقبهم وإنجازاتهم، بل تجميل أخطائهم وتبريرها متى ظهر شيء منها إلى العلن. وقد انعكست هذه النظرة على تعاملهم مع الظهور لإلعالم، فهم ال يـعـدون ظهورهم لـإلعـالم واجـبـا عليهم، أو أن من مهام وظيفتهم أن يستجيبوا لتساؤالت اإلعــالم التي قد ترتفع متى ما وقع خطأ داخل نطاق عملهم. وإنما يعدون ظهورهم لإلعالم امتيازا خاصا بهم، إن شاءوا تمتعوا به وإن شاءوا تركوه. كــذلــك مــن املـشــكــ­الت الــتــي تـسـهـم فــي إضــعــاف اإلعــــال­م، أن املــؤســس­ــات الـحـكـومـ­يـة فــي الــبــالد الــعــربـ­ـيــة صــــارت تلجأ إلـى االستعانة بشركات العالقات العامة، لتقوم بتغطية أنشطتها وأخــبــار­هــا، فتفصلها الـشـركـات حـسـب املقاس االحتفالي الذي تتوقع أنه يرضي الجهة التي استأجرتها. لكن هــذا األســلــو­ب فـي اإلعـــداد املسبق ألخـبـار املؤسسات الـحـكـومـ­يـة، يتنافى مــع مــا هــو مـطـلـوب منها مــن التقيد بالشفافية والكشف الواضح عن تفاصيل أعمالها، إضافة إلى أن شركات العالقات العامة، غالبا تعتمد على كوادر إعـالمـيـة غـيـر مـؤهـلـة وغــيــر مــدربــة، وأقــصــى مــا تــقــوم به ترجمة حرفية ركيكة ترضي الجهة التي تدفع الثمن. أما أكبر مشكلة يواجهها اإلعـالم فهي شغله باملجامالت والنفاق، والكاتب يعلل ذلك بأن بعض شاغلي الوظائف الكبرى، يشعرون في أعماقهم أن الوظائف التي يشغلونها مـــا هـــي إال «مــنــحــة مـــن املـــســـ­ـؤول األعــــلـ­ـــى، ولــــم ينالوها بـقـدراتـه­ـم ومـؤهـالتـ­هـم وخـبـراتـه­ـم، ولــذلــك هــم فــي سبيل تأكيد اعترافهم بالجميل، يجزلون لذلك املـسـؤول الثناء املفعم بالنفاق، من خالل اإلشارة إلى أن ما أنجز إنما هو بفضل توجيهاته وتعليماته»، حتى وإن كان ال يعلم عنه شيئا. وشغل اإلعالم باملجاملة والنفاق، يجرد املضمون اإلخباري من ذكر أي معلومات أخرى، أو تطرق للسلبيات. ويحلل الكاتب ظاهرة النفاق في اإلعالم العربي، فيرجعها إلـى عوامل سياسية اجتماعية اقتصادية، يـرى أنها هي الــتــي تـغـذيـه وتـعـيـنـه عـلـى الـنـمـو والــحــيـ­ـاة، ويـمـثـل لذلك بــإعــالن­ــات الــتــرحـ­ـيــب والـتـهـنـ­ئـة والــتــعـ­ـزيــة ومـــا شابهها، الــتــي تـنـشـر فــي الــصــحــ­ف تـفـيـض بــالــنــ­فــاق للمسؤولن، فهذه اإلعالنات كما يقول، ما هي إال أدوات يستعن بها املعلنون للحفاظ على بقائهم، فهم يرون أن عليهم كسب أولئك املسؤولن إلى صفهم، ليكونوا سندا وحماية لهم متى اقتضت الحاجة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia