Okaz

‪WLŽUM « WJKL*« …u‬

-

أن يختار الرئيس األمريكي اململكة العربية السعودية، كأول دولة يزورها، بعد أن تقاطر زعماء العديد من دول العالم، من املنطقة وخارجها، ومن بينهم قادة لدول عظمى، للبيت األبيض ملقابلة سيده الجديد، لدليل جلي أن اململكة تتمتع بمكانة خاصة في العالم، إن لم نقل: مكانة فريدة. بعيدًا عن ما يثار من جدل حول الزيارة.. وبعيدًا عن ما قد تتمخض عنه من تطورات في املنطقة.. وما قد تسفر عنه من توثيق لعالقات ممتدة بن البلدين، امتدت ألكثر من سبعة عقود.. وبغض النظر عن ما يتصاعد من مشكالت يواجهها الرئيس داخليًا، فإن ما يلفت انتباه املراقب، حرص واشنطن على أن تكون الرياض هي البوابة األولـى، التي تطل منها في عهدها الجديد، على املنطقة والعالم. املالحﻆ، أيضًا: أن زيارة الرئيس ترمب الرسمية األولى خارج الواليات املتحدة للمملكة، جـاءت مفاجئة للكثير من املراقبن، نظرًا لحدة الخطاب الـذي دشن به الرئيس ترمب لحملته االنتخابية، واستمر ردحًا بداية توليه منصبه، حتى أخذ منطق الدولة مكانه في أروقـة البيت األبيض، لتسود العقالنية واملوضوعية ولغة املصالح، على شعارات الخطاب السياسي الشعبوي، بكل ما كان يحمله من احتمال النتقالة نوعية سلبية في العالقات بن البلدين، بل وحتى في مستقبل االستقرار في املنطقة. حتى إن الرئيس ترمب، لم تختلف مواقفه التي أبداها تجاه حلفاء تقليدين بينهم غربيون، عن تلك التي سادت حملته االنتخابية. لدرجة أن اعتبارات الدبلوماسي­ة ولياقتها املرعية لم تجعل الرئيس ترمب يتخلى عن جفائه لبعض حلفاء بالده بل وحتى جيرانها، الذين جاءوا للبيت األبيض الستطالع سياسة ومزاج سيده الجديد. كما علينا أال ننسى االستقبال البارد، بل وأحيانًا غير الالئق دبلوماسيًا، الذي استقبل به بعض زعماء العالم واملنطقة في البيت األبيض. إال عندما جاء األمـر لتقييم عالقات اململكة بالواليات املتحدة، من قبل إدارة الرئيس ترمب الجديدة، التي ساهمت في بلورتها زيــارات عالية املستوى من اململكة، إال أنها لم تصل إلى مستوى اتصال مباشر على مستوى القمة بن البلدين، في واشنطن. بل العكس هو الذي حدث. لقد أراد الرئيس ترمب أن تكون أولى إطاللته على العالم، من بوابة الرياض. تطور في العالقة بن اململكة والواليات املتحدة، ال يعكس مدى اهتمام واشنطن بعالقتها بـالـريـاض، وهــذه حقيقة، بـقـدر انعكاسه ملـا تتمتع بـه اململكة من مقومات النفوذ اإلقليمي والثقل الدولي، الذي تدعمه موارد غنية ومؤثرة من مقومات القوة الناعمة، التي ال تتوفر لدول في املنطقة، بل ولكثير على مستوى العالم. قد يكون الرئيس األمريكي هو الذي اختار أن يبدأ أول زيارة دولة له للرياض، أما أن يكتشف أن اململكة هي بحق زعيمة العاملن العربي واإلسالمي، فهذا شيء قد يكون من فرضيات السياسة الخارجية األمريكية، حتى ثبت بالدليل املادي أن اململكة بحق زعيمة العاملن العربي واإلسالمي. لقد تمكنت الرياض، في ال وقت، أن ترتب لعقد قمة أمريكية عربية إسالمية في الرياض، تحضرها أكثر من خمسن دولة. ليس هناك دولة في العالم تستطيع أن تحشد أكثر من ربـع أعضاء األمــم املتحدة، في ال وقــت، مثل الـريـاض، في ما يمكن أن نقول عنه: إنجاز رفيع املستوى للدبلوماسي­ة السعودية، تجلى فيه نفوذ اململكة اإلقليمي وثقلها الدولي، بصورة حاسمة. إذا كانت اململكة بهذا الثراء والغنى بموارد القوة الناعمة، التي تشمل: املكانة الدينية املرموقة في العالم اإلسالمي.. وهذه اإلمكانات الال محدودة القتصاد قوي يتمتع بميزة تنافسية في إنتاج أهم سلعة إستراتيجية يحتاجها العالم ملواصلة نموه واستمرار رفاهه.. وهذه الدبلوماسي­ة الرزينة واملعتدلة، التي ال تفرط في قضايا األمة وال تساوم في أمنها هي واستقرار املنطقة وسالم العالم، وفي نفس الوقت، تلتزم بكل ما يعكس حبها املـتـأصـل لـلـسـالم، فــي عـالقـاتـه­ـا مــع أشـقـائـهـ­ا فــي الـعـاملـن الـعـربـي واإلسالمي.. وأصدقائها في مجتمعات العالم... وكـذا دأبها ومثابرتها وحرصها على تفعيل قيم التعاون، ونبذ اللجوء إلى العنف، في عالقتها اإلقليمية وصالتها الدولية. ال يمكن، إذن: النظر لهذا السلوك اإليجابي املتجدد لواشنطن تجاه الرياض، الذي حملته زيــارة الرئيس ترمب للرياض، أخـيـرًا، إال ترجمة حقيقية لغنى اململكة بـمـوارد القوة الناعمة، مع اتساع آفـاق احتماالت استخدامها، لتوطيد عالقات إستراتيجية ممتدة مع أكبر وأغنى وأعتى قوة كونية في عالم اليوم، خدمة ملصالح اململكة.. وتقدم ورفاه شعبها.. ودعمًا ألمنها الوطني، وكـذا األمـن القومي العربي، ومـن ثـم استقرار املنطقة وسالم العالم. القوة الناعمة، إذا ما اقترنت بحزم دعمها بمصادر القوة الصلبة، وإرادة استخدامها بمضاء، لتوسيع إمكانات فعاليتها، ينتج لدينا قوة إقليمية مؤثرة وفعالة، ليس فقط للذود عن كيان الدولة، بل أيضًا توفر الردع الفعال، للحفاظ على أمن املنطقة اإلقليمي. هـذا، بالضبط: ما استنتجته إدارة الرئيس ترمب من تأكيد تمسكها بالرياض كأهم شريك إستراتيجي لواشنطن في املنطقة... وكان قرار الرئيس ترمب أن يطل من بوابة الرياض، على مسرح السياسة الدولية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia