قطر واإلخوان و«اجلزيرة».. القصة من البداية
جمعت إمــــارة قـطـر كــل املـتـنـاقـضـات، فـدعـمـت حركة حــمــاس، وطــبــعــت مــع إســرائــيــل، واســتــضــافــت قوات أمـريـكـيـة، لكنها انـتـقـدت سـيـاسـة الــواليــات املتحدة، وشاركت في «عاصفة الحزم»، لكنها سخرت إعالمها لــبــث تــقــاريــر مـضـلـلـة لــلــغــرب عـــن املــتــســبــب الفعلي في أزمــة اليمن، إال أن أكبر تناقضاتها حـدث أخيرا عندما نفى وزير خارجيتها وجود عالقة مع جماعة اإلخـــــوان اإلرهــابــيــة، فـيـمـا تــــؤوي دولــتــه الـكـثـيـر من قياداتها املطلوبني لدول عدة. اإلعالمي واملحلل السياسي اإلماراتي ضرار بالهول الفالسي قال لـ «عكاظ»: إن دور قطر في دعم الجماعات يــتــجــاوز الـــــدور اإلعـــالمـــي املـــعـــروف مـــن خــــالل قناة الجزيرة، أو التمويل من خالل مؤسسات مثل منظمة الكرامة، إلى دور مادي ملموس أثبتته األدلة املختلفة الــتــي أظــهــرت مـسـاسـا مــبــاشــرا بــأمــن ومــصــالــح دول الخليج، وفي مقدمتها اململكة العربية السعودية. وأضــــاف الـفـالسـي أن تنظيم اإلخــــوان اإلرهــابــي في قـطـر تــم حـلـه بـطـلـب مــن الـحـكـومـة، ولــكــن مــا تكشفه بعض الوثائق يقول غير ذلك، إذ تؤكد أنه لم يتم حل التنظيم، وإنما دمجه في مؤسسات الدولة القطرية، لذلك أصبح منطقيا القول إن التنظيم أصبح متغلغال داخل مفاصل الدولة. مـــن جـــانـــبـــه، يـــــرى املــســتــشــار والـــبـــاحـــث فـــي شؤون الجماعات نايف بن محمد العساكر لـ «عكاظ» أن تغيرا جذريا طرأ على السياسة القطرية منذ أن أنشأت قناة الجزيرة، وصـارت معول هدم لـدول الجوار وغيرها، وكلنا يــدرك مـا لقناة الـجـزيـرة مـن الـــدور الكبير في تغذية اإلرهاب حتى يومنا هذا، فالعالم أجمع يطلق مصطلح «داعـــش» على ذلــك التنظيم املـجـرم، بينما قناة الجزيرة تطلق عليه حتى يومنا هذا اسم (الدولة اإلسالمية)، واستقطبت رموز جبهة النصرة والقاعدة كأبي محمد الجوالني، وكانت كلمات أسامة بن الدن تبث أول ما تبث من قناة الجزيرة، كما استقطبت قناة الجزيرة كبار إعالميي اإلخوان وبثت الدعايات ضد حكام املسلمني، وأسقطت حكومات، وعمت الفوضى. ورأى أن قطر عملت على جمع شتات اإلخوان املسلمني، لتجعل منهم في بالدهم قوة تشعر بأنها مدعومة من دولة مجاورة، فتحترمهم بلدانهم وتخشاهم. وحول ما إذا كانت قطر تشعر بالضعف فلجأت لدعم جماعات مصنفة إرهابية، قال العساكر إن دولة قطر لــم تـكـن مــهــددة مــن دول الــجــوار يــومــا مـــا، بــل كانت هي البلد املحترم واألخــت للدول كلها، ولكن لعلها األطماع القطرية ومحاولة التوسع القطري، إضافة إلى ما نعرفه نحن بأن من يصغي بأذنه إلى اإلخوان املسلمني فإنهم يؤدون به إلى املهالك. وأكد أن قطر تحاول شق الصف العربي واإلسالمي، ولـكـنـهـا لــن تستطيع إلـــى ذلـــك سـبـيـال، ملــا تمتلكه اململكة العربية السعودية من قوة إسالمية ومكانة عربية قديمة، ولكن التزال قطر تحاول شق الصف العربي واإلسـالمـي من خـالل تدخالتها السياسية وأجـــنـــدتـــهـــا اإلعـــالمـــيـــة، وتــســلــيــطــهــا عــلــى الـــــدول الخليجية والعربية. عضو مجلس الـشـورى رئيس مركز الوسطية الشيخ عيسى الغيث رأى في محاوالت قطر للنأي بنفسها عــن جماعة اإلخــــوان اإلرهابية، بـ «إنها ال تعدو كونها محاوالت لن يكتب لها النجاح، وبنظرة عابرة لقناة الجزيرة -مثال- والشريحة التي تديرها وامللفات التي تطرحها، فإن النفس اإلخواني ال تخطئه العني». وقــــال الــغــيــث لــــ«عـــكـــاظ»: إن قـــيـــادة هـــذا الــبــلــد مدت ذراعيها للنظام القطري مرات عدة، وأعطته الفرصة تلو الفرصة لتغيير سلوكه تجاه أشقائه الخليجيني والعرب، لكن دون جدوى، إذ صفعوا اليد التي امتدت لهم مرة تلو األخرى. ورأى الغيث أال طريق أمام قيادة قــطــر ســـوى الـــعـــودة لـلـحـضـن الـخـلـيـجـي ولألشقاء، فالخاسر هــو مــن يــعــادي إخــوتــه ويــدعــم الجماعات اإلرهابية ضده.