Okaz

‪W d(«Ë dJH « ∫»U¼—ù«‬

-

لـيـس هــنــاك تـعـريـف مـتـفـق عـلـيـه لـــإلرهــ­ـاب، وإن كـــان هــنــاك مــا يشبه االتــفــا­ق حــول مـضـمـونـه، الـفـكـري والــحــرك­ــي. اإلرهــــا­ب، بــصــورة عامة يمكن تعريفه، بأنه: عمل عنيف يستهدف به األبرياء، لخدمة مصلحة سياسية أو فكرة إيديولوجية، عجز أصحابها وفشل معتنقوها من إقناع اآلخرين األخذ بها أو حتى التعاطف معها، بطرق أكثر سلمية. لكن املشكلة في مثل هكذا تعريف، وغيره أنـه: ال يحدد من هم األبرياء الذين يستهدفهم اإلرهــاب.. وال ملاذا تلجأ بعض الجماعات السياسية للعنف، وال ما هو بالتحديد الفكر، الذي يمكن وصفه بأنه وراء حركة اإلرهاب العنيفة. لعل هـذا الغموض الــذي يكتنف تعريف اإلرهــاب، لدرجة انتفاء مصلحة البعض من تعريفه تعريفﴼ مـحـددًا، وجعله بهذا الغموض الــذي من شأنه أن يترك املجال واسعﴼ لوصف أي عمل عنيف باإلرهاب، ربما لتبرير سلوكيات أكثر عنفﴼ وتنظيمﴼ ومنهجية. كما أن اإلرهاب ليس حركة عشواء غبية تتفاعل بﺂلية ميكانيكية ذاتية، من عندياتها. إنها حركة عنف مرتبطة، بفكر يشكل نظام القيم الخاص به الذي يبرر حركته.. ويسوغ غايته، وفي نفس الوقت، يوفر الوقود الازم لدفع حركة عنفه. لوقت قريب، لم تكن أية حركة عنف تعد إرهابﴼ. بل إن حركة العنف، أحيانﴼ، يبلغ التبجيل بنبل غايتها، ما يبرر فظاعة فعلها، كونها وسيلة مشروعة لتحقيق غاية نبيلة، بل حتى مقدسة. القتال من أجل تحرير الوطن واالستقال من املستعمر، كان يمر في بعض مراحله بالعنف، حتى أنه في بعض املناسبات كان يطلق على رجال املقاومة، بأنهم فدائيون.. أو مقاتلون من أجل الحرية. في مراحل متقدمة من تطور الظاهرة، كانت دول كبرى ترعى الحركة العنيفة ملقاومة املحتل، التي يطلق عليه اليوم إرهابﴼ، على أنه عمل مشروع، طاملا أنه يحقق أهدافﴼ سياسية للطرف الدولي، الذي هو في حالة صراع مع الطرف املحتل. استخدمت واشنطن مصطلح املقاتلون من أجل الحرية في أفغانستان إلدارة صراعها مع موسكو، ضمن معطيات محددات استخدام العنف في فترة الحرب الــبــارد­ة، دون التصعيد لحد املواجهة العنيفة الشاملة بينهما. هذا الخيط الرفيع بني املقاومة املشروعة والعمل اإلرهابي، انقطع وتاشى نهائيا، بعد أحداث ‪2001/ 11/٩‬ في نيويورك!؟ املشكلة الثانية: أن هــذا التطور إلدانـــة العنف، تحت أي شكل ومــبــرر، مهما كان نبيا، حتى لـو جــاء فـي شكل الـدفـاع عـن النفس، واكــب تـطـورًا آخــر على مستوى النظام الدولي نال من آليات وأطراف وأيديولوجي­ات الصراع بني القوى العظمى. بعد سقوط االتحاد السوفيتي بأيديولوجي­ته االشتراكية، وتسيد العالم املعسكر الغربي، بأيديولوجي­ته الرأسمالية، بشقيها السياسي واالقتصادي، العالم أضحى فـي فـــراغ مـن عــدو محتمل للنظام الــدولــي الـجـديـد، حيﺚ تـاشـت أيديولوجيا­ت الحرب الباردة الحادة، ليصبح الشرق والغرب معﴼ، في حاجة لعدو مشترك. وكانت فكرة صراع الحضارات أو صدام الحضارات، ليرجع العالم لوضعية الصراع التقليدية في العصور الوسطى. بعودة الصراع إلى جذوره الدينية القديمة، بنهاية الحرب الباردة، أصبح اإلسـام هو الخطر على النظام الدولي الجديد، من وجهة النظر الغربية... بل وحتى الشرقية، في روسيا، بكل ما في األمر من استدعاء لثارات تاريخية، يغذيها تراث متبادل من فكر العنف والتحريض عليه يعتمل في ضمير وعقل البشر، حول العالم.. ويؤثر بشكل مباشر، في سلوكيات الدول، والجماعات والتيارات السياسية غير املنظمة. لكن اإلرهاب، ليس سياسيﴼ، على إطاقه، بل وال حتى في غالبيته، إال أن اإلرهاب يمكن أن يوظف ألسباب سياسية. لقد أضحى أي عمل عنيف، حتى ولو كان حادث سير، يؤخذ بداية على أنه عمل إرهابي، حتى يثبت بعد ذلك العكس!؟ هنا مكمن خطورة اإلرهــاب، لخدمة أجندات سياسية، لدول وأنظمة سياسية، ما كان لها أن تستمر لوال ارتداؤها لقميص عثمان (اإلرهاب). ومن هنا يأتي التركيز على الحل األمني ملعضلة اإلرهـاب، وإهمال بعدها الفكري والعقائدي. العالم يصرف كثيرًا على مواجهة حركة اإلرهاب العنيفة، ربما أحيانﴼ من أجل إذكاء جذوتها.. ويبخل عندما تـكـون الـحـاجـة لتخصيص مـــوارد كافية لتجفيف منابع الفكر املحرض لإلرهاب!؟ اإلرهاب، إذن هو: صناعة عاملية، تعد إحدى عامات الحياة للنظام الدولي الحالي، تمامﴼ كما هو حال الزالزل والبراكني والكوارث الطبيعية، بالنسبة لكوكب األرض. هناك مصالح عاملية عليا لإلبقاء على جـذوة اإلرهــاب متقدة.. كما أن هناك دوال وأنظمة سياسية، وجماعات سياسية غير منظمة، ال يمكن أن تستغني عن اإلرهاب، وتبقى نشطة وفاعلة وحاضرة وفي السلطة وحولها، على مستوى حلبة الصراع السياسي، سواء كان داخليا أو إقليميﴼ أو عامليﴼ. من أجل هذا يتم التركيز على حركة اإلرهاب العنيفة.. وإهمال فكره األكثر خطورة على أمن وسام البشر.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia