في حب خشوم!
أزمــــة الــتــصــريــحــات الــقــطــريــة، كـشـفـت لــنــا حــجــم الــتــبــايــن في األهداف اإلستراتيجية لدول الخليج، وبعد بعض هذه الدول عن الواقعية السياسية في قــراءة األحــداث واألخطار املحدقة باملنطقة والفشل فـي استيعاب دروس احـتـالل الـكـويـت، هذا األمــر يدعونا للتساؤل عـن جــدوى منظمة كمجلس التعاون وتـواضـع اإلنــجــازات السياسية لهذه املنظمة اإلقليمية التي تتغنى بها وسائل اإلعالم الخليجية على مدى عقود وحجم الـهـدر فـي املـــوارد ومخصصات مشاريع الستثمار املشتركة الــتــي خـصـصـت عــلــى مـــدى عــقــود لــصــنــاعــة مـسـتـقـبـل أفضل يضمن العيش الكريم لألجيال الحالية واملستقبلية. ما يشفع ملجلس التعاون على مدى 37 عاما مضت هو تمسك الـدول األعضاء في املاضي بالبعد (في العلن على األقـل) عن كـل مـا يعكر صفو الـعـالقـة األخــويــة بـني األشــقــاء الخليجيني وتوحيد الخطاب اإلعـالمـي واهتمامه بـاإلعـالن عن التعاون فــي وجــه كــل املـخـاطـر املــهــددة لسـتـقـرار وأمــن دولــه وتوحيد السياسات والبرامج ضد األوبة واألمراض والكوارث املحيطة.. إلـــخ، إل أن األزمــــات الـسـيـاسـيـة الـعـاصـفـة فــي الــــدول العربية األخــــرى، إثــر إعــصــار مــا يسمى بــ«الـربـيـع الــعــربــي»، كــان لها بالغ األثر في كشف األجندات املتضاربة بني هذه الدولة وتلك، وتـراجـع مستوى الـتـعـاون بـني الــدول األعـضـاء ودخـولـهـا في أزمــات بينية الحسن فيها أنها ل تــدوم طـويـال حتى يتدخل أحــد حـكـام الـــدول الخليجية الشقيقة ليتصدى لـهـا وينهي الخالف بني الــدول األشـقـاء وفـي كل مـرة «بحب خـشـوم»، وما يلبث أن يعود الخالف على هيئة أزمة جديدة وغالبًا لألسباب ذاتــهــا وهـــو تـمـسـك كــل طـــرف مــن األطـــــراف الـخـلـيـجـيـة بدعم الخط املتطرف من أحد التيارين السياسيني املتصارعني في املنطقة والنغماس في هذا الصراع األيديولوجي والسياسي الــذي كلف الـعـرب كثيرًا على مـدى قـرن مـن الـزمـان ووضعهم في موقف ل يحسدون عليه، أمام أعدائهم التاريخيني اليهود والفرس الذين لم يكتفوا بما احتلوه سابقا من أراضي العرب، بل إن تفكك النظام اإلقليمي العربي وضعف مؤسساته حاليًا، شجعهم على الستمرار في تنفيذ سياساتهم العدوانية ونكء الجراح العربية النازفة في أكثر من بلد! كل ذلك الواقع املرير ل يمنعنا من التفاؤل واألمل بأن ينطلق الحكماء في مجلس التعاون في عالج هذه األزمة من جذورها ووضــع آلـيـات سياسية متفق عليها لحسم الـخـالفـات ومنع وصولها ألزمـات متكررة تهدد وحـدة دول املجلس التي تعد الحصن األخير للعرب، فمتى ما نجحت مثل هذه الجهود في قبول كل طـرف «خليجي» لـ«الخليجي اآلخــر»، بعد مكاشفة سياسية تضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية وتدفعهم لالتفاق على رؤية سياسية إستراتيجية واحدة للحفاظ على األمــن والستقرار اإلقليمي، مستفيدين من الظرف السياسي الــــذي خـلـقـتـه مــخــرجــات قــمــة الـــريـــاض اإلســالمــيــة األمريكية التاريخية، متى وصلنا إلـى ذلـك استطعنا كعرب وضـع حد
للتدخل الفارسي الصفوي في العراق والشام واليمن.