Okaz

محاربة السرطان.. نثرت البسمة ورحلت

- أنس اليوسف (جدة) @anas_20

وانـــقـــ­ضـــت أمـــــس (الـــخـــم­ـــيـــس) رحـــلـــة فـــتـــاة في مقتبل العمر محاطة بآالم املـرض، زارعـة خلفها ابـتـسـامـ­ات بـيـضـاء، لــم تـكـن تغيب عــن محياها على الدوام. هناء إسكندر ذات التي رحلت عن 24 ربيعًا، محاربة السرطان، حاملة لواء األمل بعد وفاة أخيها حمزة إسكندر في 25 يناير املاضي. هناء التي ظلت تقهر السرطان بابتسامة حمزة، لم تكن قصتها من نسج الخيال، بل كانت معاناة واقعية تعيش معنا، تتألم وحيدة في غرفتها، لتخرج إلــى املجتمع بابتسامة عريضة، تخفي خــلــفــه­ــا أملــــا وحــــرقــ­ــة، هـــي قــصــة عــائــلــ­ة ابتليت بــالــحــ­زن، لتقهر أبـشـع األمــــرا­ض، هـنـاء وحمزة، اللذان ظا يستمدان الصبر من بعضهما. هـنـاء الـتـي تصفها صديقاتها بكونها مقاتلة وشـــابـــ­ة اســتــثــ­نــائــيــ­ة، تــحــمــل رســـالـــ­ة مجتمعية مــن أجـــل دعـــم مــرضــى الــســرطـ­ـان، أو كــمــا يحلو لحمزة تسميتهم «محاربي السرطان»، كان أبرز مــا يـمـيـزهـا إيـجـابـيـ­تـهـا فــي األوقـــــ­ـات الصعبة، كــانــت هــنــاء تــعــمــل بــجــد ملــواصــل­ــة الــعــمــ­ل الذي بـــــدأه حـــمـــزة، إذ عــمــلــت مـــع والـــدتــ­ـهـــا، فـــي كلية دار الــحــكــ­مــة، لـتـخـصـيـ­ص غــرفــة لــلــطــا­ب الذين يـحـاربـون الـسـرطـان، وتعمل على توفير مرافق مــنــاســ­بــة لـــلـــطـ­ــاب، تــســاعــ­دهــم فـــي الــعــمــ­ل على مـهـمـاتـه­ـم، والــتــفـ­ـاعــل مــع بـعـضـهـم الــبــعــ­ض في بيئة نظيفة وخـالـيـة مــن اإلجــهــا­د، وأطـلـقـت في وقـت سابق حملة «بـانـدانـا»، فـي معرض بساط الريح، أبريل املاضي، وتهدف إلى جمع التبرعات ملشروع ضخم، وهو مركز دعم ملقاتلي السرطان وأسرهم. كانت واعية جدًا، ومتقبلة لفكرة املرض، وكانت تــعــرف جــيــدًا مــعــنــى أن تــكــون عــائــلــ­ة «محارب للسرطان»، كـان حلمها الكبير إنشاء مركز دعم الـسـرطـان، قـالـت هـنـاء عـن املــركــز: «هــو يمثل كل شـــيء ال يـمـلـكـه املـسـتـشـ­فـى، وســــوف يــكــون جزءًا ماتعًا في رحلة محاربة املــرض الخبيث، سوف نـقـدم الـعـاج والــدعــم للمرضى واألســـر، سيكون هدفنا مساعدة أولئك الذين في حالة صدمة». رسـالـة هـنـاء الـتـي تـريـد إيصالها، والـتـي تحمل مــعــانــ­ي ودالالت عــمــيــق­ــة، عــبــر الــبــقــ­اء حــيــًا من خال مساعدة اآلخرين، أو كما تقولها بكلماتها الخاصة هي: «ال تفكر في كيفية البقاء على قيد الحياة، بل ساعد اآلخرين». قطعة من قلب هناء انفطرت، عند وفاة شقيقها حــمــزة، الــــذي تــركــهــ­ا وحــيــدة فــي أرض املعركة السرطانية، إال أن القوة والشجاعة التي زرعها حـمـزة بـهـا، لــم تـدعـهـا تـنـهـزم، رغــم الــحــزن الذي استبد بها، وبأسرتها، بل جعلت نصب عينيها إرث حـــمـــزة الــكــبــ­يــر، ملــواجــه­ــة املـــــرض الخبيث متسلحة بـــــاإلر­ادة والـتـصـمـ­يـم واالبــتــ­ســامــة، وال حـيـلـة لـهـا إال الـصـبـر واإلرادة، بـعـد أن أضحت معركتها أشــد قــســوة وأملـــًا وحــســرة، بـعـد رحيل شريكها. وفــاة هناء أحـدثـت ضجيجًا ضخمًا فـي أوساط املصابن بمرض السرطان، وشكلت صدمة هائلة فــي املـجـتـمـ­ع بــأكــمــ­لــه، هــنــاء الــتــي ظــلــت تصابر وتصبر على «الخبيث» وتتطلع إلــى محاربته ومقاومته مثل حمزة، على أمل بالله أن ينتهي الـصـراع مـع مـرض «سـاركـومـا الـسـرطـان» بنصر مماثل لنصر حمزة، يعيد لها األمـل مرة أخرى، وتــقــهــ­ر الــســرطـ­ـان الــــذي طــاملــا عــايــشــ­ت معاناته القاسية، جـاء خبر وفاتها مفاجئًا في صبيحة السادس من رمضان. قصة الشقيقن اللذين يحاربان أعتى األمراض، وقهرا السرطان، وقهرهما املــوت الحقا، المست قـــلـــوب الـــســـع­ـــوديـــن، وشــــهـــ­ـدت تــفــاعــ­ا خاصا، ومــحــبــ­ة اســتــثــ­نــائــيــ­ة، خــصــوصــ­ا عــنــدمــ­ا توافد اآلالف لتعزية حمزة، واآلالف املتأثرين بغيابه في مواقع التواصل االجتماعي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia