محاربة السرطان.. نثرت البسمة ورحلت
وانـــقـــضـــت أمـــــس (الـــخـــمـــيـــس) رحـــلـــة فـــتـــاة في مقتبل العمر محاطة بآالم املـرض، زارعـة خلفها ابـتـسـامـات بـيـضـاء، لــم تـكـن تغيب عــن محياها على الدوام. هناء إسكندر ذات التي رحلت عن 24 ربيعًا، محاربة السرطان، حاملة لواء األمل بعد وفاة أخيها حمزة إسكندر في 25 يناير املاضي. هناء التي ظلت تقهر السرطان بابتسامة حمزة، لم تكن قصتها من نسج الخيال، بل كانت معاناة واقعية تعيش معنا، تتألم وحيدة في غرفتها، لتخرج إلــى املجتمع بابتسامة عريضة، تخفي خــلــفــهــا أملــــا وحــــرقــــة، هـــي قــصــة عــائــلــة ابتليت بــالــحــزن، لتقهر أبـشـع األمــــراض، هـنـاء وحمزة، اللذان ظا يستمدان الصبر من بعضهما. هـنـاء الـتـي تصفها صديقاتها بكونها مقاتلة وشـــابـــة اســتــثــنــائــيــة، تــحــمــل رســـالـــة مجتمعية مــن أجـــل دعـــم مــرضــى الــســرطــان، أو كــمــا يحلو لحمزة تسميتهم «محاربي السرطان»، كان أبرز مــا يـمـيـزهـا إيـجـابـيـتـهـا فــي األوقــــــات الصعبة، كــانــت هــنــاء تــعــمــل بــجــد ملــواصــلــة الــعــمــل الذي بـــــدأه حـــمـــزة، إذ عــمــلــت مـــع والـــدتـــهـــا، فـــي كلية دار الــحــكــمــة، لـتـخـصـيـص غــرفــة لــلــطــاب الذين يـحـاربـون الـسـرطـان، وتعمل على توفير مرافق مــنــاســبــة لـــلـــطـــاب، تــســاعــدهــم فـــي الــعــمــل على مـهـمـاتـهـم، والــتــفــاعــل مــع بـعـضـهـم الــبــعــض في بيئة نظيفة وخـالـيـة مــن اإلجــهــاد، وأطـلـقـت في وقـت سابق حملة «بـانـدانـا»، فـي معرض بساط الريح، أبريل املاضي، وتهدف إلى جمع التبرعات ملشروع ضخم، وهو مركز دعم ملقاتلي السرطان وأسرهم. كانت واعية جدًا، ومتقبلة لفكرة املرض، وكانت تــعــرف جــيــدًا مــعــنــى أن تــكــون عــائــلــة «محارب للسرطان»، كـان حلمها الكبير إنشاء مركز دعم الـسـرطـان، قـالـت هـنـاء عـن املــركــز: «هــو يمثل كل شـــيء ال يـمـلـكـه املـسـتـشـفـى، وســــوف يــكــون جزءًا ماتعًا في رحلة محاربة املــرض الخبيث، سوف نـقـدم الـعـاج والــدعــم للمرضى واألســـر، سيكون هدفنا مساعدة أولئك الذين في حالة صدمة». رسـالـة هـنـاء الـتـي تـريـد إيصالها، والـتـي تحمل مــعــانــي ودالالت عــمــيــقــة، عــبــر الــبــقــاء حــيــًا من خال مساعدة اآلخرين، أو كما تقولها بكلماتها الخاصة هي: «ال تفكر في كيفية البقاء على قيد الحياة، بل ساعد اآلخرين». قطعة من قلب هناء انفطرت، عند وفاة شقيقها حــمــزة، الــــذي تــركــهــا وحــيــدة فــي أرض املعركة السرطانية، إال أن القوة والشجاعة التي زرعها حـمـزة بـهـا، لــم تـدعـهـا تـنـهـزم، رغــم الــحــزن الذي استبد بها، وبأسرتها، بل جعلت نصب عينيها إرث حـــمـــزة الــكــبــيــر، ملــواجــهــة املـــــرض الخبيث متسلحة بـــــاإلرادة والـتـصـمـيـم واالبــتــســامــة، وال حـيـلـة لـهـا إال الـصـبـر واإلرادة، بـعـد أن أضحت معركتها أشــد قــســوة وأملـــًا وحــســرة، بـعـد رحيل شريكها. وفــاة هناء أحـدثـت ضجيجًا ضخمًا فـي أوساط املصابن بمرض السرطان، وشكلت صدمة هائلة فــي املـجـتـمـع بــأكــمــلــه، هــنــاء الــتــي ظــلــت تصابر وتصبر على «الخبيث» وتتطلع إلــى محاربته ومقاومته مثل حمزة، على أمل بالله أن ينتهي الـصـراع مـع مـرض «سـاركـومـا الـسـرطـان» بنصر مماثل لنصر حمزة، يعيد لها األمـل مرة أخرى، وتــقــهــر الــســرطــان الــــذي طــاملــا عــايــشــت معاناته القاسية، جـاء خبر وفاتها مفاجئًا في صبيحة السادس من رمضان. قصة الشقيقن اللذين يحاربان أعتى األمراض، وقهرا السرطان، وقهرهما املــوت الحقا، المست قـــلـــوب الـــســـعـــوديـــن، وشــــهــــدت تــفــاعــا خاصا، ومــحــبــة اســتــثــنــائــيــة، خــصــوصــا عــنــدمــا توافد اآلالف لتعزية حمزة، واآلالف املتأثرين بغيابه في مواقع التواصل االجتماعي.