«دراجي».. فيلسوف الفائدة ومهندس إدارة أزمات أوروبا

لـم يكن غريبا أن تنجب إيطاليا أحـد كبار املاليني واالقتصاديني ليس فقط في أوروبـا، بل في العالم، بــعــدمــا شـــهـــدت مــديــنــة نـــابـــولـــي اإليـــطـــالـــيـــة نشأة املصارف بها قبل أكثر من أربعة قرون. يعد ماريو دراجي ابن مدينة روما اإليطالية، املولود في العام 1947 من أكثر 10 أشخاص يملكون نفوذا اقتصاديا حـول العالم. ويصنف على أنـه مهندس أسعار الفائدة ملنطقة اليورو. دراجــــي مــن أهـــم الـشـخـصـيـات الــتــي أدارت األزمات االقــتــصــاديــة فــي أوروبــــــا، فــقــد تـقـلـب فــي املناصب الــرفــيــعــة بـــني رئــيــس ملــجــلــس املــخــاطــر األوروبية، ورئـــيـــس مــجــلــس االســـتـــقـــرار املـــالـــي واالقتصادي اإليــطــالــي، إلـــى جــانــب عـمـلـه فــي حــل أزمــــة الديون األوروبية. عمل دراجــي على خصخصة مؤسسة القطاع العام فـي إيطاليا، قبل أن يلعب دورا مهما فـي انضمام دولته ملنطقة اليورو. عمله بـــوزارة املـالـيـة مكنه مـن الـقـيـام بــدور أساسي في تجاوز إيطاليا أزمــة مالية طاحنة عصفت بها عـام ،1993 دون مساعدات من الـخـارج. وعــزت إليه بـالده الفضل في تنفيذ برنامج ناجح لخصخصة جـــزء كـبـيـر مــن املـلـكـيـات الـحـكـومـيـة، إال أنـــه لــم يدم طويال في وزارة املالية اإليطالية؛ بسبب الخالفات التي تفاقمت بينه وبني وزير املالية اإليطالي آنذاك جوليو تريمونتي في عام ،2001 إلى أن ترك منصبه باألمانة العامة بالوزارة، والتحاقه بسلك التدريس بجامعة هارفارد األمريكية، وبعد عام واحد اختير مـــديـــرا تــنــفــيــذيــا ونــائــبــا لــرئــيــس بــنــك االستثمار والتمويل األمريكي جولدمان ساكس. وسرعان ما عاد دراجـي إلى بيته «رومــا» من خالل البنك املركزي اإليطالي، إذ اختير رئيسا للمصرف املـركـزي اإليطالي عــام ؛2006 ليعيد مـاريـو تنظيم وهــيــكــلــة الــبــنــك الــــــذي تـــعـــرض حـــيـــنـــذاك ملشكالت وفضائح أثرت على سمعته. حمل دراجي على عاتقه إنقاذ البنك املركزي األوروبـــي فـي عــام ،2011 إذ تولى رئاسة البنك في ظل تفاقم أزمة الديون السيادية فــي االتــحــاد األوروبـــــي، وتــزايــد مشكالت عملية إنقاذ اليورو. تفاء ل اقتصاديو أوروبا بقيادته للبنك املركزي األوروبـي؛ ألسلوبه التشاركي والعتقادهم أنه سـيـدافـع عــن مهمة الـبـنـك كـمـا هــي مـسـطـرة في معاهدة «ماستريخت»، املتمثلة في مواجهة التضخم، وخفض نسب الفائدة لدعم النمو.