«الدوحة».. «َملْجأ» املتطرفني والفارين من العدالة!
على بعد أمتار قليلة من الديوان األميري في الدوحة، تقع مكاتب سرية وعلنية عدة، للعديد من رموز التطرف، واإلسالم السياسي، خصوصا حركة «طالبان» وجماعة اإلخوان اإلرهابية، التي ينتشر أفرادها الفارون من العدالة في أسواق وشـوارع ومساجد الدوحة في مشهد يمثل قنبلة موقوتة معرضة لالنفجار في أي لحظة. هـذا املشهد املثير، بـات واقعا صعبا تم فرضه بالقوة السياسية واألمنية على الشعب القطري، الذي يرى أن هؤالء املتطرفني الذين تؤويهم دولتهم املتمردة وتوفر لهم مظلة آمنة ملمارسة أعمالهم في الدوحة، يشكلون أحد أكبر املخاطر التي تهدد مستقبلهم في ما لو تعرضت الدوحة لعقوبات دولية، كما يعتبرون أن وجود هؤالء يمثل خطرا كبيرا على بلدهم واستقراره الوطني واإلقليمي، فضال عن عالقتها بدول الجوار الشقيقة. مــراقــبــون يــــرون أنــــه، لــيــس ســــرا أو جـــديـــدا أن تــدعــم قــطــر رموز التطرف، واإلسالم السياسي، والفارين من العدالة بكافة منظماتهم وجماعاتهم في املنطقة العربية والعالم، فمنذ أحداث 11 سبتمبر ظهرت الدوحة بصورة مشبوهة بعد أن وفرت بيئة خصبة تجاه هــــؤالء املــتــطــرفــني، حــيــث كــانــت قــنــاة «الــجــزيــرة» اآللــــة اإلعالمية لــلــدوحــة، هــي الــصــوت الــرســمــي الـــذي اتــخــذه أســامــة بــن الدن في أول ظهور له بعد األحــداث الدامية لبث رسائله من كهوف جبال أفغانستان. لكن، مع بداية أحـداث ما سمي بـ«الربيع العربي»، كان لقطر اليد األطول في الخراب والتدمير الذي حل ببعض الدول العربية، من خــالل دعمها الـجـمـاعـات اإلرهــابــيــة، خصوصا «جبهة النصرة» ذراعــهــا اإلرهــابــيــة فــي ســوريــة، وبـعـض الـجـمـاعـات اإلرهــابــيــة في ليبيا، واليمن، ولبنان والعراق، إذ وفرت لها الدعم املادي الكبير ومكنتها من شراء األسلحة لتقوم تلك الجماعات بتدمير األوطان ونشر الرعب والخراب. وبرغم نفي الدوحة الدائم، بأنها ال تحتضن رموز اإلرهاب بمختلف مسمياتهم، إال أن الحقائق تقول -بحسب مسؤولني أمريكيني- إن قطر تحتضن كبار املمولني لتنظيم القاعدة، وأنهم يعيشون بحرية على أراضي الدوحة، على رغم أن «القاعدة» مصنفة في أغلب دول العالم «منظمة إرهابية» ومع ذلك تصر الدوحة على أنها ال تدعم اإلرهابيني، بحسب صحيفة تليغراف البريطانية. مـن بـني هــؤالء اإلرهــابــيــني، تـبـرز أسـمـاء كـل مــن: خليفة السبيعي وعبدالرحمن النعيمي، وهما يحمالن الجنسية القطرية، إضافة إلى عبدالوهاب الحميقاني، وجميعهم يعتبرون من أكبر املمولني لـ«القاعدة»، إذ يعتقد مسؤولون أمريكيون أنهم يعيشون حاليا فــي العاصمة القطرية الــدوحــة ولـديـهـم حـريـة حـركـة مطلقة، في حــني أن قطر تـرفـض اإلدالء بمعلومات عنهم. لكن هــذا الوجود املثير لـرمـوز اإلرهـــاب فـي قطر، ليس محصورا على فئة معينة، بل إن الحركيني في السعودية، وخصوصا املنتمني لتيار اإلخوان والصحوة، يجدون ضالتهم في قطر، إذ يشدون الرحال للدوحة مــرات عــدة فـي السنة أكثر مـن أي مكان آخــر، فقلوبهم معلقة مع الحزب، وأجسادهم الكبيرة تعيش عبئا على الوطن. وكان الخبير األمريكي مورجان، كشف في دراسة له أن قطر بالفعل أصبحت أكبر حاضنة لإلرهابيني، مؤكدا أن أكثر حسابات أنصار ومؤيدي تنظيم «داعش» اإلرهابي على «تويتر» تغرد من الدوحة، حــيــث يـنـشـط الـتـنـظـيـم اإلرهـــابـــي لـتـجـنـيـد الــشــبــاب وللتحريض والتخطيط العتداءات إرهابية. وتساءل مورجان: هل تؤوي قطر أكبر العناصر الخطرة من «الدواعش» املطلوبني دوليا وتالحقها األجهزة األمنية؟ وأوضح مورجان في دراسته املنشورة أخيرا، أن الدوحة آوت بالفعل جماعات إرهابية وعناصر متطرفة للتنظيم الدولي لجماعة اإلخــوان اإلرهابية، ومنحتهم كل وسائل اإلقامة واملعيشة واألبواق داخلها، وقدمت لهم دعما غير محدود، مؤكدا أن الـــدوحـــة أصــبــحــت مــحــط أنــظــار لــكــل إرهـــابـــي مــجــرم مطلوب أمـنـيـا ودولــيــا. هــذا الــوضــع املــتــردي الـــذي اخـتـارتـه الــدوحــة رغم كل التحذيرات والنصائح التي تلقتها من دول مجلس التعاون، أدخـلـهـا بـالـفـعـل فــي دوامــــة خـطـيـرة ومــســار سـيـاسـي ال تستطيع الرجوع عنه، وهو ما اتضح في تصريحات أميرها تميم بن حمد األخيرة، حيث تؤكد تلك التصريحات أن الدوحة فقدت السيطرة ولم يعد القرار السياسي قرارها، بل قـرار من أراد بها الشر سواء علمت بذلك أم لم تعلم.