Okaz

: ليبراليو السعودية بينهم«مطاوعة» و«ماللي»

عاشق «األهلي وجدة» امتطى صهوة رمضان.. ورحل العميم لـ

- محمد النعمي (جدة) سعد الخشرمي (جدة)

فقدت الساحتان الرياضية واألدبية شخصية األمير الراحل محمد العبدالله الفيصل، إذ كان رحيله فاجعة للساحتن، فالرياضة عرفته منافحًا عنها طيلة السنوات التي قضاها في املاعب، بقيادة فريقه األحـــب «الــنــادي األهــلــي» إلــى منصة الـتـتـويـ­ج، فيما فـقـدت الساحة الشعرية الغنائية قصائده العذبة، ورفده للساحة الغنائية بأصوات حفرت في الوجدان السعودي أجمل األنغام، وأعذب الكلمات. لم يكن رحيل حفيد الفيصل يوم األحد املوافق 1432-9-21 بنيويورك بــالــوال­يــات املـتـحـدة األمـريـكـ­يـة بسبب مـرضـه الـعـضـال الـــذي اقتحم جسده، إال إعانًا بتخليد صفحات رجل في التاريخ خدم وطنه في حقلي الرياضة والثقافة. يقول األمير طال بن محمد العبدالله الفيصل، في حديثه عن والده وعــن حياته خصوصا فــي رمــضــان: «كـــان رحـمـه الـلـه يـحـرص على جمعنا، خصوصًا فـي شهر رمـضـان، ويـشـدد على ضــرورة حضور جميع أفــراد األســرة طيلة أيــام الشهر، وفــي باقي أيــام السنة نلتقي كــأســرة كــل يـــوم جــمــعــة، وكــانــت الـــعـــا­دة أن نـفـطـر عــلــى تــمــر وقهوة ومـن ثـم نــؤدي صـاة املـغـرب جماعة ومـن ثـم نعود الستكمال باقي اإلفطار»، وأضاف ساردًا «كان يحرص على وجود طبق الشوربة على املائدة الرمضانية، وتحديدًا شوربة الحب، وهي شوربة يميل لونها لأبيض وهو طبق استمر معه من الطفولة منذ وجــوده في مدينة ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻤﻴﻢ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺃﺳﺮﺍﺭ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻗﺘﺤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ، ﺇﺫ ﻳﺨّﻴﻞ ﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷﻣﺮ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻣﺤﺎﻭﺭﺗﻪ ﻭﻣﺠﺎﻳﻠﺘﻪ ﻓﻲ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﻋﺰﻟﺘﻪ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﻌﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻗﺘﻨﺎﺋﻬﺎ ﻛﻮﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻤﻴﻢ ﺑﺎﺣﺜﺎ ﻳﺴﺘﺜﻤﺮ ﻭﻗﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻘﺼﻲ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ، ﻓﺈﻟﻴﻜﻢ ﻧﺺ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ:

• رغم انكبابك على نقد اإلسالميني والتنقيب في الحركات اإلسالمية إال أن املراقبني يرونها انحيازًا لليسار.. •• م ɝ ع تثميني لنقد اليسار العربي ف ɝ ي مصر وب ɝɝ ل ɝɝ دان ال ɝ ش ɝ ام وب ɝɝ ل ɝɝ دان املغرب الـعـربـي لـإسـامـيـ­ن ولــدراســ­اتــهــم عـنـهـم، فــي املــجــال الـسـيـاسـ­ي واالجتماعي والثقافي والفكري، وفـي كتابة تاريخهم وعــرض مدارسهم وتياراتهم، إال أن نقدي لإسامين وألطاريحهم ال يستند إلى مقوالت يسارية، وال يوجد في هذا النقد أي بعد يساري حتى في حده األدنى. ومما يجدر ذكره أن نقد اليسارين لإسامين في ما قبل سبعينيات القرن املاضي –على قلته– كان نقدًا ضعيفًا وذا طابع عقدي ضيق، لكنه تطور في ما بعد، ابتداء من أواسط سبعينات ذلك القرن، وقد استمر ذلك النقد الضعيف، لكنه ال يشكل االتجاه الغالب في نقودهم وفي دراساتهم. وفي املقابل، فإن اإلسامين مع انشغالهم وانهماكهم في نقد املاركسية واالشتراكي­ة، ونقد الشيوعين العرب، بدءًا من أواخر أربعينات القرن املاضي، ظل نقدهم هذا -إلى سقوط الشيوعية- نقدًا هزيا، ومن النادر أن تجد فيه نقدًا ذا بال أو مفيدًا. وفـي بعض ما كتبته عن اإلسامين، ثمة تعرض للصراع بن اليسارين واإلسامين في بلدان عربية، كدول الخليج، ومصر، ولم أكن فيه منحازًا إلى اليسارين في مواجهة اإلسامين في مجريات هذا الصراع، كما أنني في بعض ما كتبته كنت أسجل اختافاتي مع بعض ما كتبه اليساريون عن اإلسامين في ما يتعلق بمحتوى فكرهم وتاريخهم. وباملناسبة، فإنه يوجد اتجاه لدى اليسارين منحاز لــإســامـ­ـيــن ولــســيــ­د قــطــب ولــلــجــ­مــاعــات الدينية املــتــطـ­ـرفــة، ألســبــاب سـيـاسـيـة وثـــوريــ­ـة، وآخرين، نتيجة تأويل ثقافي ووطني «أو قومي» متكلف. وأذكر أنه في ثمانينات القرن إلى أول تسعيناته كان ثمة اتجاه حجمه كان كبيرًا في أوساط اليسار خـــارج الـسـعـودي­ـة، يـديـن نقد اإلسـامـيـ­ن مــن قبل رفاقهم، ومــن قبل ذوي اتجاهات ليبرالية، ويعده تحالفًا انـتـهـازي­ـًا مــع السلطة الـعـربـيـ­ة، حـتـى لــو كان أصحاب هذا النقد من املحسوبن على املعارضة السياسية الضمنية أو الفاقعة. وسبب ذلك أن اإلسامين في ذلك العقد كانوا قد احتلوا الصدارة في خط املواجهة مع كثير من األنظمة السياسية العربية. ولــرد الشبهة حــول نقدي لإسامين، أوضــح أن موقفي مـن اليسار هـو موقف نقدي –وهـذا ما تنطق به بعض كتاباتي– وليس موقفًا احتذائيًا. وهذا املوقف مبني على قواعد في الفكر الحر (أو الليبرالي)، ونــزوع ليبرالي يضيق بالفكر الشمولي الحصري (أو التمامي). لكن هذا ال يعني رفض كل مقوالت اليسار، على أساس أنها ضال في ضال. وعليه يمكن تقويم موقفي من اليسار بأنه موقف غير متزمت، وينطوي على انفتاح وتفتح. ومـع أن موقفي من اليسار على هذا النحو، إال أن اليسارين السعودين العتقاء يصنفونني في خانة املعادين لليسار ويصنفونني أني يميني جدًا! • مـن يقرأ مقاالتك، يستشعر أن املجتمع مقسم والليبرالي منها، إلى أي حزب تنتمي؟ •• االنتماء السياسي والفكري في السعودية في ما قبل ثمانينات القرن املاضي ألي تيار كان –بما فيه التيار اإلسامي– كان نخبويًا، لكن اإلسامين استطاعوا -بفضل عوامل عديدة ومنها مـؤازرة الحكومة لهم- بعد ذلك الحن من الزمن أن يجعلوا من ذلك االنتماء ذي قاعدة جماهيرية. كنت مـع أول اخـتـاط بــاإلخــو­ة الـسـودانـ­يـن فـي بـدايـة عملي بالصحافة أعجب ألمــرهــم. فـالـسـودا­نـيـون فــي معظمهم منتمون سياسيًا إمــا لــأحــزاب الطائفية (الطائفية املقصود بها فـي الــســودا­ن األحـــزاب الدينية ذات التوجه الصوفي)، واإلخوان املسلمن، وإما لأحزاب العلمانية. ويشمل هذا االنتماء الناس البسطاء. كنت أعجب ألمرهم ألن أبناء العديد من الجنسيات العربية لم تكن هذه الظاهرة مستفحلة عندهم، فكثير منهم كانوا غير منتمن ألحزاب سياسية وعقائدية، وال يـرون ضـرورة أو حتمية االنتماء السياسي والعقائدي، رغم وجـود أحزاب سياسية في بلدانهم موزعة ما بن يمن ويسار. ومــع ارتــفــاع درجــة التسيس ومــعــدل األدلــجــ­ة لــدى السعودين في تسعينات القرن املاضي وفق فكرية تيار واحد، هو التيار السياسي اإلسامي، هالني هذا األمر. ومما أذكره أني قلت ممازحًا زميلي وصديقي ناصر السلطي ذات يوم في ممشى في إحدى سنوات املنتصف األخير من عقد تسعينات ذلك القرن حول مقر عملنا في الشركة السعودية لأبحاث والنشر: إننا صرنا كالسودانين فـي اهتمامهم إلــى أحــزاب متفرقة، واإلســالم­ــي الحركي، مكة املكرمة -مسقط رأسه- فكان هذا الطبق هو املحبب له، وإن لم يكن مـوجـودًا، فالبديل شوربة الجريش أو الشوربة العادية مع الكرشة واأللسن». ويضيف ابن الراحل «غالبًا ما يقضي شهر رمضان في مدينة جدة، باستثناء فترة من الزمن كنا موجودين حينها في مدينة الرياض، وكانت تقريبًا (أواخر السبعينات إلى أوائل التسعينات)، بمعنى أنه يقضي رمضان في املدينة التي كان يسكن فيها، وفي كلتا الحالتن كان حريصًا على أداء العمرة في أول يوم من رمضان وإن صادف عطلة نهاية األسبوع يؤجلها لليوم الثالث من رمضان تفاديًا للزحمة». وعـــن الــذكــري­ــات الــراســخ­ــة فــي ذاكــرتــه يــقــول األمــيــر طـــال «مواظبة الوالد رحمه الله على رياضة التنس األرضي في رمضان على وجه الخصوص، والسباحة؛ كونه كان مؤمنًا بأن الرياضة أمر في غاية األهمية لإنسان، سواء للصحة، أو لتوسيع اإلدراك والفهم وتطوير الفكر»، مضيفًا «كــان من السهل ضبط ساعتك على جدوله اليومي والذي من النادر جدًا مخالفته إال ألمر طارئ، كالقيام بواجب العزاء أو زيــارة مـريـض، وكــان حريصًا على زيــارة األقــارب واألصــدقـ­ـاء في رمضان على وجه الخصوص، ولكنه كان يتميز بأنه هو من يجمع الـنـاس عـنـده وبصفة يومية، وذلــك بقصر األمـيـر عبدالله الفيصل رحمه الله، حيث األصدقاء واألقارب». وعـــن رمــضــان األخــيــر لــلــوالـ­ـد، يــقــول األمــيــر طـــال بــن مـحـمـد «جاء التشخيص بإصابة الوالد بمرض السرطان املرحلة الرابعة، وكانت

بالسياسة –أو على األقل– صرنا ننافسكم أنتم أيها الفلسطينيو­ن في هذا األمر. ثم أتى علينا حن من الزمن شهدنا فيه شيئًا من تكاثر جمهور التيار الليبرالي. إن كوننا منقسمن إلى تيارات وتوجهات مختلفة حقيقة واقعة ال سبيل إلى إنكارها. وهذه محمدة وليست مثلبة. وفــي ملتي واعـتـقـاد­ي ال أجــد غضاضة فـي استعمال التصنيف، فالتصنيف السياسي والفكري يأتي لضرورة منهجية وموضوعية. وال أستعمله على سبيل التشهير أو بغرض العدوانية أو بهدف املصادرة. وإجابة عن سؤالك املباشر إلى أي األحـزاب أنتمي، أقـول: إنني ال أنتمي إلى أي حزب فأنا لست حزبيًا وال أتحزب إلى أي تيار، وإن كنت على نحو عام أنتمي للتيار الليبرالي. إن ليبراليتي ليست حزبية وال عقائدية وأنا أعرف أن في الليبرالية –على الـصـعـيـد الـسـيـاسـ­ي واالجــتــ­مــاعــي والــثــقـ­ـافــي والــفــكـ­ـري وفـــي تاريخها العاملي واإلقليمي– عيوبا ومثالب. وال أضيق بالنيل منها ونقدها والسخرية من الليبرالين والليبرالي­ة. بل يروق لي هذا األمر، إن كان موفقًا. فـي ليبراليينا السعودين مـن يصح تسميتهم بـ«مطاوعة» الليبرالية أو «ماليها» الذين يرون في نقد الليبرالية شطحا في الفكر وهرطقة في العقيدة. وهكذا كان يرى ويفكر ويعتقد قبلهم املاركسيون. وبعض هؤالء كان «مطوعًا» أو «ما» ماركسيا وتحول إلى «مطوع» و«ما» ليبرالي. وفـي واقــع األمــر أن كثيرًا من األيديولوج­يات الوضعية فيها خلة من التزمت والدوغما الدينية. لك عداوة، ما األسباب؟ •• لعل نقدي لهم ليس قاسيًا بقدر ما هو شامل. مرحلة املــرض متقدمة، وأتـذكـر أن التشخيص قبل شهر من دخول رمضان وقضينا تلك الفترة في مدينة نــيــويــ­ورك، وجــاء شهر رمــضــان وجميع أفراد األســـرة انتقلت لـلـواليـا­ت املـتـحـدة األمريكية، وكــانــت مــن أصــعــب األيـــــا­م الــتــي مـــرت علينا، ولــأســف لــم يتمكن مــن الــصــوم بـسـبـب املغذي، إذ وصــل ملرحلة ال يستطيع معها البلع، وأتذكر صعوبة ذاك الشهر عليه وعلينا، خصوصا أنها كــانــت فــتــرة صــيــف، فصعوبة رمــضــان األخير كــانــت تـكـمـن فــي مـــرور شخصية غـالـيـة على قلبي بــظــرف قــاس جـــدًا، فـمـا بــالــك أن تلك الـشـخـصـي­ـة هــي والـــــدي األمــيــر محمد العبدالله رحمه الله وأسكنه فسيح جناته». وزاد: «تـحـفـظ ذاكــرتــي زيارة األعــــــ­مــــــام وأبــــــن­ــــــاء العمومة لـأمـيـر أثــنــاء مـرضـه وبـقـائـه على السرير األبيض، إذ كـان امللك سلمان حــفــظــه الـــلـــه يـــــزور الــــوالـ­ـــد بــصــفــة شبه يــومــيــ­ة، وهـــي مــن املــواقــ­ف الــخــالـ­ـدة فــي ذاكــرتــي وال يمكن أن أنساها».

أتعامل مع فكرهم بـروح الــدارس وليس بعقيدة املحارب وربما ألنهم يجدون بعض الفائدة في ما أكتبه عن تاريخهم السياسي والفكري، وعن زوايـا مهملة فيه، وعن تشكل وتكون فكرياتهم. وربما ألنهض أعم يرون أني ال ألغي قيمة بعامهم املجيدين بدافع من االختاف السياسي والثقافي واملنهجي. وربما ألنهم يلمسون أنـي أختلف وأجــادل كتابًا ومثقفن ينتمون إلـى التيار الليبرالي وإلى التيار اليساري وإلى تيارات أخرى. وعلى كل، فإن كان ما قلته -يا سعد- صحيحًا، فهذا توفيق من رب العاملن. • هناك من يقول عنك إنـك أكثر معرفة بالحركات اإلسالمية أكثر من اإلسالميني أنفسهم، ما صحة هذه املقولة، وملاذا؟ •• ال أدري م ɝ ا م ɝ دى صحة ه ɝɝ ذا ال ɝ ق ɝ ول. ورب ɝ م ɝ ا كانت دع ɝ اب ɝ ة م ɝɝ رة. وبصرف النظر عن إن كان هذا القول صحيحًا أم غير صحيح، فإن املؤمن بعقيدة ويفكر بها ومن خالها ال يستلزم إيمانه بها أن يكون محيطًا بها. ومـن واقــع تجربتي، فلقد رأيــت قومين ويسارين وشيوعين ســعــوديـ­ـن ينقصهم اإلملــــا­م بـالـفـكـر الــقــومـ­ـي الــعــربـ­ـي والفكر املاركسي، تاريخًا وعقيدة ومنهجًا. وفي حالة اإلسامين في السعودية وفي خارجها، فأظن أنهم لم يطرحوا على أنفسهم سؤاال وجوديًا وتاريخيًا: من أين أتوا؟ سـؤال كهذا كنت أفكر فيه منذ تسعينات القرن املاضي. فلقد كنت معنيًا بمعرفة الــظــروف واملــابــ­ســات الــتــي نـشـأ فيها الفكر اإلسامي الحديث وتكون، ومعرفة اتجاهاته وماهيته. ومعنيًا باستكشاف آليات الخطاب اإلسامي الحركي وفــحــواه وكــيــف تشكلت األفــكــا­ر فـيـه رويــــدًا رويدًا. ومعنيًا بمصادره وروافده. وكنت مهتمًا بالقراءة في التاريخ العربي الحديث، وباأليديول­وجيات املعاصرة وبتاريخها في العالم العربي، وبالقراء ة فـــي الــــدراس­ــــات اإلســامــ­يــة الــتــي كـتـبـهـا مثقفون وأكــاديــ­مــيــون عـــرب لــيــبــر­الــيــون مــا قــبــل منتصف القرن املاضي وما بعده التي استفاد بعض منظري اإلصولية اإلسامية من مطالعاتهم في كتابات الغربين عن اإلسام املعاصر، ومن رؤاهم تحلياتهم وأفكارهم في حقل الـدراسـات اإلسامية مع جرها إلـى دروب ضيقة ومسالك مغالية، وفي بعض األحيان كانت االستفادة تصل إلى حد السطو على جهود أولئك ونسبة تلك املطالعة والرؤى والتحليات واألفكار إلى أنفسهم. لقد سجل عدد من املثقفن ملحوظة أساسية على فكر اإلسامين، وهي أنه فكر يتسم بالاتاريخي­ة. وهذه امللحوظة املنهجية صحيحة ودقيقة، وأضيف إليها أنهم يتصورون فكرهم وينظرون إلى تاريخ أفكارهم على نحو غير تاريخي، فهم اإلسـام –كما يتوهمون– بتمامه وكماله وفي حقيقته. إن االنغماس فـي عقيدة مـا فـي بعض األحيان يـحـرم معتنقيها مــن الـتـأمـل الـحـر والتفكر النقدي والتبصر العقاني. • ملــــاذا فـشـلـت حــركــة الــحــداث­ــة تقيمها؟ •• كنت مثلك في فترة مضت أعتقد أنها فشلت، وكنت قد كتبت مادة صحفية في جريدة (الشرق األوسط) في أول تسعينات الـقـرن املـاضـي قــررت فيه هــذا األمــر، وحاولت تعليله لكنني اآلن نـسـيـت كــل مــا قـلـتـه فــي تلك املادة. والــــصــ­ــواب أن حــركــة الــحــداث­ــة تــعــثــر­ت ولــــم تفشل، ولــقــد تـعـثـرت ألســبــاب خـارجـيـة قــاهــرة لــم يكن بـوسـع الـحـداثـي­ـن دفـعـهـا، لكنها استأنفت مشيتها في ما بعد، واتسع نطاقها ومـــــجــ­ـــاالتـــ­ــهـــــا، فــــفــــ­ي أيــــــام صعودها وهيمنتها كـــــــــ­ـــــان نــــطــــ­اقــــهـــ­ـا محصورًا في اإلبــــــ­ـــــداع عــنــدنــ­ا، وكيف

األدبي (شعرًا وقصة) وفي النقد األدبي. • يرى الدكتور عبدالله الغذامي أنه هو رائد الحداثة في السعودية، ويرى البعض أن الدكتور سعيد السريحي وعلي الدميني هما الرائدان، من وجهة نظرك، كيف ترى إسهاماتهما؟ •• ل ɝ س ɝ ت م ɝɝ ؤه ɝɝ ا أن أب ɝɝɝɝ دي رأي ɝɝɝًا ف ɝɝ ي إس ɝɝ ه ɝɝ ام ɝɝ ات ال ɝɝ دك ɝɝ ت ɝɝ ور ع ɝ ب ɝ دال ɝ ل ɝ ه الغذامي والدكتور سعيد السريحي في مجال الدراسات األدبية والنقدية، وال أن أقيم نتاج األستاذ علي الدميني الشعري. فأنا لست ناقدًا أدبيًا، وال باحثًا ودارسًا في مجال الدراسات األدبية. لكن في ما أعلمه أن الدكتور الغذامي والدكتور السريحي كان لهما ريادة في النقد البنيوي ال في حركة الحداثة. واألستاذ علي هو أقدم منهما في االنتماء إلى حركة الحداثة. ودوره الصحفي في خدمة حركة الحداثة يسبق دورهما الاحق بزمن. انضمام الغذامي والسريحي إلـى حركة الحداثة أعطاها دفعة إلى األمــام. فحركة الحداثة كـان ينقصها نقاد أدب أكاديميون، فسدا تلك الثغرة. والـدمـيـن­ـي يمثل جـيـا مــن أجــيــال حـركـة الـحـداثـة كــان لهم دورًا بارزًا في تثبيت أقدام هذه الحركة في ماحق الصحف األدبية. وجيل علي الدميني والجيل الذي قبله والجيل الذي بعده كـان لهم مثل هـذا الــدور. فنحن أمـام مجموعات ومجاميع ولسنا أمام أفراد متفردين بالريادة. إن الحداثة بمختلف مسمياتها وأطوارها لها تاريخ طويل ومـتـصـل فــي الـسـعـودي­ـة يــرجــع أولـــه إلـــى نــشــأة األدب الحديث في الحجاز. في ظني أن األسـتـاذ حسن بافقيه فض التنازع في موضوع الريادة في الدراسات البنيوية في سلسلة مــقــاالت نـشـرهـا فــي عــمــوده األسبوعي فــي جــريــدة (مــكــة)، ومنحنا معلومات مفصلة وتفصيلية عن هذا املوضوع. وفي تقديري أن سلسلة مقاالته تلك مصممة على أن تكون بن دفتي كتاب. وفي يقيني أن األستاذ حسن بافقيه هو الذي بوسعه كتابة تاريخ حركة الحداثة األدبية في السعودية، وهو املــؤهــل لـلـقـيـام بـمـثـل هـــذا الــعــمــ­ل. فـهـو نــاقــد أدبــــي، ومؤرخ، ومثقف على اطاع واسع، وبحاثة، ومحيط بتاريخ األدب في السعودية وفي العالم العربي وبتاريخ حركة الحداثة فيه. وهو شاهد ومشارك في مقتبل شبابه في تلك الحركة في لحظة صعودها. وهو ليس محزبًا مع تيار ضد تيار آخـر في حركة الحداثة عندنا، فهو منفتح على تياريها الرئيسين: الواقعي والبنيوي. • ل ɝɝ ك ɝɝ ل م ɝɝ ش ɝɝ روع إي ɝɝ ج ɝɝ اب ɝɝ ي ɝɝ ات وس ɝɝ ل ɝɝ ب ɝɝ ي ɝɝ ات، م ɝɝ ا ه ɝɝ ي س ɝ ل ɝ ب ɝ ي ɝ ات ح ɝɝ رك ɝɝ ة ال ɝɝ ح ɝɝ داث ɝɝ ة في السعودية؟ •• يصعب علي ال ɝ ح ɝ دي ɝ ث ع ɝɝ ن سلبياتها م ɝɝ ن دون ال ɝ ح ɝ دي ɝ ث ع ɝɝ ن إيجابياتها. وأكتفي بأن أذكر أن لديها عيوبًا في التكوين. وكان بعض الحداثين يئن من هذه العيوب ويتشكى في الحديث الشفاهي. والحداثي الوحيد الذي كان يصرح ببعض هذه العيوب كتابة األستاذ محمد رضا نصر الله. ويمكن تلمس بعض هذه العيوب في بعض ما كتبه الدكتور منصور الحازمي. وال يمكن اعتبارهم ديموقراطين إال في حالة واحدة، وهي أن نسرف في استعمال املنطق النسبي، فنقارنهم بحركة الصحوة، عندها سيكونون ديموقراطين جدًا. • يعيب قراء على مقاالتك أنها تبتعد عن املوضوعية، وتجنح إلى الردح، ما رأيك؟ •• أسعى بقدر استطاعتي على أن أكون موضوعيًا ومتوازنًا ومعتدال ورصينًا وأن أدنو من الصواب، أما أني أردح فتلك –وأيم الله– فرية. • في انتقاداتك تذهب إلى الشخصنة والتندر بأسلوب مدمر كما يرى خصومك، هل الشخوص مقدمون على الفكر عندك؟ •• وه ɝɝ ل م ɝ ن املوضوعية تصديق ال ɝ خ ɝ ص ɝ وم؟! إن اختافي ه ɝ و م ɝ ع األف ɝ ك ɝ ار ال مع األشخاص، وأنفي نفيًا باتًا أني أشخصن الخاف. والفكرة الجيدة أقبلها وأعجب بها حتى لو أتت من شخص قد ال أستسيغ كتاباته، أو من شخص ال أحبذ توجهه، أو من شخص مغال ومتطرف من أي تيار كان. أسلم بأني في بعض نقودي، أكون ناشفًا وحـادًا، وأني أميل بعض األحيان إلى التندر والتهكم والسخرية. وهــذا ميل ومـــزاج شخصي وتـأثـر ببعض الكتاب الـعـرب مـن أجـيـال واتجاهات وتخصصات مختلفة. وعلى العموم هذا منزع في الكتابة موجود في ثقافتنا وفي ثقافات اآلخرين. فلماذا -رحمنا الله- نضيق واسعًا؟!. ومطارحاتي ونقودي وردودي تشهد لي أني ال أفتئت وال أتجنى وال أفتري وال أهاتر وال أزور وال أغالط وال أكابر وال أسيء في نقاشي ألفكار الذي أختلف معه إلى شخصه الكريم واملوقر.

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia