الكتابة لليافعني
تعاني الثقافة العربية من الشح في األدب املوجه لليافعني ممن تخطوا مرحلة الطفولة املبكرة ولــم يبلغوا مرحلة املـراهـقـة بعد، وهــذا الشح ليس فـي الكمية فحسب وإنما أيــضــا فــي نـوعـيـة مــا يـكـتـب، وقـــد يــكــون ذلـــك أحـــد عوامل انـصـراف الصغار عـن الــقــراءة، فنحن نكثر مـن التذمر أن صغارنا ال يقرؤون، لكنا ال ننظر في ما هو متاح لهم من مـؤلـفـات، فمعظم مــا يكتب لليافعني خــال مــن الجاذبية، كئيب ثقيل وممل، أغلب الكتب املوجهة لليافعني يطغى عليها الـوعـظ والتوجيه املباشر، وقــد تركز على تحقيق غــايــة مـــحـــددة كــالــتــوجــيــه الــديــنــي أو األخـــاقـــي أو حشر املعلومات، ونــادرا ما تكون غايتها التسلية والترفيه أو تنمية الذائقة األدبـيـة، لـذا فإنه ال غرابة إن عـزف الصغار عن القراءة.
الـكـتـابـة لليافعني أصــعــب بكثير مــن الـكـتـابـة للبالغني، فمن يكتب للصغار يجب أن يكون مطلعا على خصائص النمو الوجداني واإلدراكـــي لـدى األطـفـال، فمخاطبة طفل السادسة تختلف عن مخاطبة طفل الثانية عشرة، كما أن مخاطبة طفل الثانية عشرة تختلف عن مخاطبة فتى في السادسة عشرة وهكذا، فكل مرحلة عمرية من هذه املراحل تختلف فـي خصائص نموها االنفعالي واإلدراكــــي وفي احتياجاتها النفسية والعقلية. كما أن الكتابة لليافعني تتطلب مهارة بالغة في املزج املتوازن بني جمال التعبير وعناصر اإلثـــارة والتشويق مـن جـانـب، والبعد التربوي األخاقي من جانب آخر. كـي تحبب الصغار فـي الــقــراءة، ال يمكنك أن تبدأ معهم بكتب جافة مثل كتب العلوم والتاريخ واملعارف، فمثل هذه الكتب تخلو من التشويق واإلثــارة ومن ثم ال يمكنها شد القراء الصغار إليها، فاليافعون تشدهم الكتب التي تحوي الـغـرابـة والــطــرائــف واملــغــامــرات وإثــــارة الـخـيـال وتصوير الواقع املشابه لحياتهم، لذلك فإن الروايات والقصص هي أفضل ما يبدأ به لتدريب الصغار على مصادقة الكتاب، فالرواية تتوفر فيها ميزة اإلثــارة والتشويق التي تجبر الطفل على التشبث بالكتاب إلـى النهاية، كما أنها تعزز معرفته اللغوية وتنمي الذائقة األدبية عنده. وفي الوقت نفسه يمكن تضمينها بـعـض الـقـيـم اإلنـسـانـيـة كاحترام اآلخر واملساواة بني البشر وحب الوطن واالعتزاز بالهوية وغير ذلك من القيم التي يحتاج الصغار إلى اكتسابها. إال أن تأليف الــروايــات للصغار ال يجد لـه سـوقـا رائجة لدينا، وفي هذا العام خصصت جائزة األميرة نـورة أحد موضوعاتها عن (الرواية لليافعني)، رغبة منها في تحفيز الـكـتـاب واملعنيني بالطفولة على التأليف للصغار، بما يحبب إليهم القراءة وينمي لديهم الذائقة األدبية ويعزز صلتهم بلغتهم العربية، بعد أن صار كثير من أبناء هذا الجيل ينجذبون إلى قراءة الكتب باللغة اإلنجليزية أكثر من العربية بما يعمق انفصالهم عن لغتهم األم. للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250, موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة