قطر.. الدولة املختطفة!
تـتـوطـنـنـي قـنـاعـة راســخــة مـنـذ وقـــت بـعـيـد أن «قــطــر» دولــــة مـخـتـطـفـة، بــكــل مــا تـحـمـلـه هذه الكلمة من حمولة وداللة، وليس املوقف األخير الذي صدر عن قيادتها باملوقف املستغرب، ولن يكون األخير بـــأي حـــال مــن األحـــــوال، فـاملـتـأمـل لـسـيـاسـة الــنــظــام القطري فـي الفترة األخـيـرة سيجد أن مـا قامت بـه قـيـادة هـذا القطر املغلوب على أمره، من تنكر لـ «إعالن الرياض» القاضي بعزل إيران إسالميا وسياسيا وعامليا، وتسمية بعض الجماعات والكيانات السياسية ودمغها بجريرة اإلرهـــاب، والتعامل معها على هذا التوصيف الواضح والصريح، أمر منسجم مع األدوار املشبوهة التي ظلت تلعبها في سياستها تجاه الدول العربية واإلسالمية والخليجية، ببث سموم الفتنة بينها، وانتهاج خطاب إعالمي مثير للفنت، وباعث على إشعال بؤر االشتعال والصراع، في معظم دول العالم العربي، مستندة فــي ذلـــك عـلـى آلـــة إعــالمــيــة «اخـتـطـفـتـهـا» جـمـاعـة «اإلخــــوان املسلمون»، وكرسها ملشروعها املاضي نحو إحكام القبضة عـلـى مـفـاصـل الـحـكـم فــي الــــدول الـعـربـيـة، بمثل مــا أحكمت قبضتها على مقاليد الحكم في دولة قطر، التي باتت أسيرة لـدى هـذه الجماعة، تأتمر بأمرها، وتنفذ أجندتها، وتمرر مخططاتها األثيمة. نــقــول هـــذا بـتـمـام الــثــقــة، واســتــنــادا ملــا جـــاء فــي تصريحات أمــيــر قـطـر املــثــيــرة واملــســتــنــكـرة، حـيـث ذهـــب إلـــى الــقــول: «ال يحق ألحد أن يتهمنا باإلرهاب؛ ألنه صنف اإلخوان جماعة إرهــابــيــة، أو رفــض دور املـقـاومـة عـنـد حـمـاس وحـــزب الله» (هذه املقاومة املسخ التي لم تحرر أرضا بل كرست لالحتالل والـقـمـع واإلرهــــاب وقـادتـهـا فــي الــدوحــة يـرفـلـون) ففي هذه العبارة تتكشف روح «االختطاف اإلخواني» لقطر، فال أحد من «العقالء» يغيب عنه الدور التخريبي الذي ظلت جماعة اإلخــوان تلعبه في املنطقة العربية، بأجندة أقل ما توصف به أنها عابثة، ومدمرة، وجانحة نحو القالقل وإيقاظ الفنت والدسائس، ولنا في ما حصل في العديد من البلدان العربية املثال والنموذج، بل لن نذهب بعيدا إذا أشرنا إلـى دورهم املشبوه الذي لعبه بعضهم تحت اسم «الصحوة» في بالدنا، التي يحمد لها أنها أدركت خطورة هذه الجماعة، فاجتثت شأفتها، وقـوضـت نفوذها، وأخـرسـت نعيقها، الــذي غررت به الشباب، وساقتهم إلى املحارق وبؤر النزاع، ورسخت في نفوسهم البريئة ثقافة املوت الزؤام، بينما قيادة هذه الجماعة تنعم بكل ملذات الحياة ونعيمها وترفها وزخرفها.. ولـــم تــقــف تــصــريــحــات أمــيــر قــطــر عــن هـــذا الــحــد بــل ذهبت إلـى التشكيك الغامز، في سياق قوله: «إن الخطر الحقيقي هـو سلوك بعض الحكومات التي سببت اإلرهـــاب بتبنيها نسخة متطرفة مـن اإلســـالم، ال تمثل حقيقته السمحة، ولم تستطع مواجهته سوى بإصدار تصنيفات، تجرم كل نشاط عادل».. إن مثل هذا القول ال يمكن النظر إليه إال باستصحاب املثل القائل «رمتني بدائها وانسلت»، فأي تطرف هذا الذي تنتهجه الدولة التي يومي إليها «تميم» ودونــه إيــران بكل تحرشها وخطابها العقدي الذي جاوزت به السنة وخرجت به عن امللة، فإن لم تكن هي الدولة اإلرهابية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، فمن غيرها يكون ساعتئذ! إن املسرحية الهزيلة التي جرت عقب هذه التصريحات غير املسؤولة من رأس النظام الحاكم في قطر الشقيقة، بادعاء أن هناك اختراقا لوكالة األنباء القطرية من قبل «الهكرز»، ونفيه ما نسب إلـى الشيخ «تميم»، من السذاجة التي تزيد مــن الــبــلــوى، إال إذا اعـتـبـرت قـطـر وقـيـادتـهـا أن عــالــم اليوم يمكن أن تـمـر عليه مـثـل هــذه الـحـيـل «الـصـبـيـانـيـة» املثيرة للضحك واالســتــهــزاء.. فلو أنها كانت صـادقـة فـي نفي هذه التصريحات املستهجنة لكان ذلـك أدعــى أن يكون من رأس الـــدولـــة مــبــاشــرة، بـشـجـاعـة وقــــوة بــيــان مــبــاشــرة يــرفــع عنه اللبس، ويضع األمــور فـي نصابها، أمـا مثل هـذه البيانات التي تتولى نشرها «الجزيرة» عوضا عن اإلعالم «الرسمي» للدولة القطرية، فحري بأن يثبت نسبة التصريحات لقائلها بأكثر من نفي النسبة إليه.. و«الجزيرة» هي «الجزيرة» التي نعرف وندرك مراميها، وقد بلونا صنيعها من قبل، ونعرف أهـدافـهـا املفخخة، ونـوايـاهـا التآمرية وأسلوبها فـي إثارة القالقل والفنت.. وحـسـنـًا فعلت صحيفة «عــكــاظ» وهــي تمضي فــي تعرية النظام الحاكم في «قطر» وتقدم لقرائها بالبراهني الساطعة جوهر العالقة الرابطة بني نظام املاللي والنظام في قطر، وما أنفق من مال كبير هو من حق الشعب القطري الشقيق فــي مــثــل هـــذه األنــشــطــة املــشــبــوهــة، ولــتــقــويــة مــن يقومون بتهديد منطقة الخليج العربية والعالم العربي وأنظمته املناوئة لنظام املاللي في إيـــران.. فالحقائق األخـيـرة التي وضعتها «عكاظ» بني يدي القارئ تكشف عري النظام في قطر، وتسلب عنه كل الذرائع والحجج الواهية التي تذرع بها سابقا، وال مجال لإلنكار اآلن.. فمتى تتخلص قطر من براثن «خاطفها»؟!