Okaz

اتفاق املناخ.. االنسحاب األمريكي تكريس لالنعزالية

- أسماء بوزيان (باريس)

في هذا العالم املتغير بهواجس الزعامة، والذي يــقــوده الــســبــ­اق املــحــمـ­ـوم مــن أجـــل املــــال، يحاول الــرئــيـ­ـس األمــريــ­كــي دونـــالــ­ـد تــرمــب ضــبــط إيقاع العالم على مثيله األمريكي. ربــمــا يــكــون تــرمــب قــد اقــتــنــ­ع، بـعـد لـقـائـه القادة األوروبـــ­يـــن فــي بــروكــسـ­ـل أن االتــحــا­د األوروبـــ­ـي لــم يـعـد مــوجــودا وأن الــنــاتـ­ـو لــن يــخــدم مصالح بالده، ونسي في غمرة قراراته أن مصالح أمريكا تــتــأرجـ­ـح بـــن مـــد وجـــــزر، وأن الــنــاتـ­ـو قـــد يخدم مصالح أمريكا املــوجــو­دة على جبهات الصراع في أفغانستان، العراق، سورية واليمن. تــرمــب الـــذي دخـــل فــي نـــزاع مــع نـظـيـره الروسي فـالديـمـي­ـر بــوتــن حــن أراد أن يـمـد يـــده لـــه، عاد ليغازل بصورة مبالغ فيها األمـن العام للحزب الشيوعي الصيني إكسي جينبينغ، وهو ما يلوح بسياسة رجــل البيت األبـيـض، الــذي كــان يصرخ علنا «جئت للبيت األبيض ألصنع الفارق». وعــــــد تــــرمـــ­ـب بــكــثــي­ــر مـــــن األشـــــي­ـــــاء فـــــي حملته االنتخابية، واختلف املـراقـبـ­ون على جديته في تـكـريـس مــا قـالـه فــي حملته ولـكـن يـبـدو أنــه بدأ فـي تجسيد ذلــك، إذ حبس الـعـالـم أنـفـاسـه مساء «الــخــمــ­يــس» بــقــرار تــرمــب االنــســح­ــاب مــن اتفاق املــنــاخ، رغــم مــحــاوال­ت إقناعه بـالـعـدول عـن ذلك. وبـهـذا الــقــرار، أكــد نيته فـي تكريس «االنعزالية األمــريــ­كــيــة»، وتــوجــيـ­ـه ضــربــة لــجــهــو­د املجتمع الدولي للحد من ظاهرة االحتباس الحراري. وبـــمـــا أن الــــوالي­ــــات املــتــحـ­ـدة ثـــانـــي أكـــثـــر الــــدول تلويثا للبيئة في العالم بعد الصن، فهي بهذا الــقــرار تضع نفسها جنبا إلــى جنب مـع سورية ونيكاراغوا. ورغم أن هذا القرار صدم العالم، إال أن املختصن اعتبروا القرار غامضا ومعقدا، ويستدعي بعض التوضيحات. وفيه جانب من اإلثارة. فما هو معروف أن إنسحاب الواليات املتحدة من اتفاقية باريس سيستغرق سنوات عـدة. وعالوة على ذلــك، فــإن تصريحه لـم يكن واضـحـا تماما وملـــح إلـــى أنـــه يـتـمـنـى بــقــاء مــشــاركـ­ـة أمــريــكـ­ـا في االتفاق. تـــرمـــب يـــفـــي بـــالـــو­عـــد الـــــــذ­ي قــطــعــه فــــي حملته االنتخابية «باستعادة مكانة أمريكا» ووضع حد «للحرب ضد الكربون» ولكن في الوقت نفسه أثار قراره ردود فعل دولية منددة. مــــاكـــ­ـرون اعــتــبــ­ر قــــــرار االنـــســ­ـحـــاب «خـــطـــأ بحق الــكــوكـ­ـب»، مـضـيـفـا أن «الـــواليـ­ــات املــتــحـ­ـدة تدير ظهرها اليوم للعالم، لكن فرنسا لن تدير ظهرها لــأمـــري­ـــكـــيــ­ـن...» فــيــمــا رأى قــائــد الدبلوماسي­ة الفرنسية السابق لوران فابيوس في تصريح إلى «عكاظ» أن قرار ترمب املبرر باألكاذيب واملهاترات خطأ تاريخي جسيم ضد الكون. وقــال مدير قسم أبـحـاث الـغـالف الـجـوي والبيئة فــي املنظمة الـعـاملـي­ـة لــأرصــاد الـجـويـة بجنيف ديــــــون تـــيـــرب­ـــالنـــش، إن الــــقـــ­ـرار أشـــغـــل املجتمع الدولي برمته، ألن مشكلة املناخ تسترعي اهتمام وجهود العالم، وعندما يقرر بلد االنسحاب فهو بالضرورة مصدر قلق للجميع. ومن كل هذا ونحن نتابع ردود فعل قادة العالم، ترتسم أمامنا صورة الرئيس الفرنسي الذي قدم له ترمب فرصة من ذهب، فراح ماكرون يستغلها بذكاء، مخاطبا األمريكين بلغة شكسبير، ومغيرا شعار ترمب«استرجاع عظمة أمريكا» بـاسترجاع مكانة الكوكب، وبذلك جعل مـاكـرون من أوروبا قارة املستقبل. فهل سينفذ الرئيس الشاب وعوده ويتمكن من عزل رجل البيت األبيض.

 ??  ?? دوريات لرجال الشرطة خارج برج «شارد» ومحطة سكة حديد لندن أمس، وفي اإلطار بريطانيون في حالة ذهول. (أ.ف.ب)
دوريات لرجال الشرطة خارج برج «شارد» ومحطة سكة حديد لندن أمس، وفي اإلطار بريطانيون في حالة ذهول. (أ.ف.ب)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia