فضيحة دولة مارقة
املـــمـــارســـات الــســيــاســيــة الــقــطــريــة طوال العقد املاضي، تراكمت إلى حد ال يمكن االحتمال أو الصبر على هذه السياسات الـــرعـــنـــاء بــحــق شــعــوب ودول املنطقة. ولعل الجدل اآلن يدور حول ماذا فعلت قطر لتفتح دول الخليج النار على هذه الدولة املارقة!؟ مثل هذا السؤال يبدو ساذجا وسطحيا، بينما هـو فـي جـوانـب كثيرة فـخ إلثارة الـتـنـاقـضـات، فـالـدخـول أصــا فــي كشف حساب السياسة القطرية سيطول أليام، بدءا من مصر إلى سورية والعراق وليبيا ومابينهما مــن سموم إلـى الــدول الخليجية، فضا عــــــن الـــــشـــــق األكــــبــــر فــــــــــي الـــــعـــــاقـــــة الــــخــــلــــيــــجــــيــــة الـقـطـريـة وهي تبنياملشروع الـــــــــــعـــــــــــاملـــــــــــي لــــــــــــحــــــــــــركــــــــــــة اإلخـــــــــوان املسلمني اإلرهـابـيـة.. لكن الـسـؤال األكبر فــي هـــذه األزمــــة مـــاذا لــو لــم تـلـتـزم قطر بـسـيـاسـة خليجية مـتـوافـقـة مــع البيئة الـــســـيـــاســـيـــة الــخــلــيــجــيــة الــــتــــي تحقق املصالح األمنية العليا. ومـاذا لو فعا عمقت قطر عاقاتها مع العدو األول في املنطقة «إيران»، وذهبت أكــثــر فـأكـثــر إلـــى الـتـحـالـف الــخــاســر مع اإلخـــــــــــوان املـــســـلـــمـــني، فـــهـــل نـــحـــن أمـــــام مواجهة أو صـدام مع السياسة القطرية وما هو مستقبل العاقة مع هذه الدولة املارقة؟. على ما يبدو القرار الذي اتخذته اململكة العربية السعودية واإلمارات والبحرين، باإلضافة إلى مصر يشكل حجر الزاوية والركيزة األساسية في التعامل مع قطر، وهو يمثل الحد الفاصل بني قطر املارقة وقطر املقبولة فـي محيطها الخليجي. ومن خال متابعة األحـداث بدا واضحا أنــه ال تـراجـع عـن مـشـروع «عقلنة» قطر وإعــادتــهــا إلـــى الــحــضــن الـخـلـيـجـي ذي املصالح املترابطة واملتشابكة. إن دول الخليج التي أقدمت على املقاطعة التأديبية لقطر، ليست على اإلطاق في إطــــار االســتــهــداف للشعب الـــــــقـــــــطـــــــري، كــــــمــــــا يــــــــروج اإلعـــــام اإلخــونــجــي على مــــنــــابــــره، وإنـــــمـــــا بهدف إجـــراء مـراجـعـات سياسية وتــاريــخــيــة لـــهـــذا الـــتـــراكـــم الــبــائــس من الــســيــاســة الــقــطــريــة، ذلـــك أن الصدمات تدفع الدول العاقلة إلى مراجعات حادة وعــمــلــيــة نـــقـــديـــة مـــوضـــوعـــيـــة للمسار السياسي. أما إذا كانت املسألة بالنسبة لـقـطـر مــكــايــدة سـيـاسـيـة ومــنــاطــحــة مع الــــدول األشـــقـــاء، فـيـد الــلــه مــع الجماعة، وهذا لعله يكفي قطر أن تكشف أنها في املسار الخاطئ، فدول تاريخية معروفة بـمـواقـفـهـا املـهـمـة لــلــدول الــعــربــيــة، مثل الــســعــوديــة واإلمـــــــــارات والـــبـــحـــريـــن، لن تكون وحدها على خطأ في الحسابات الـسـيـاسـيـة.. لقد بــدت الحقيقة واضحة ال مــجــال لـلـشـك فــيــهــا؛ نــحــن أمــــام حالة سياسية تخريبية في املنطقة الخليجية والـعـربـيـة وقــطــر جـــزء وركــيــزة فــي هذه الحالة التخريبية التي يجب أن تتوقف، فما من دول تقبل أن تكون شقيقتها على عاقة مع العدو األول «إيــران» وتستمر الــعــاقــات وكـــأن شيئا لــم يــكــن، ومــا من دولــة تقبل بجماعات إسامية متطرفة على حدودها في قطر تعبث فكريا بأمن دول الخليج، تلك قضايا لن تترك دون حسم وحـان وقت الحساب. دول مجلس الــتــعــاون الخليجي املــعــروفــة بصبرها الـــطـــويـــل، هـــي اآلن تــقــرر وتــضــع لقطر مسارين، إما املسار الخليجي األصيل أو املسار املنحرف الذي يجب على قطر أن تدفع ضريبته بأي شكل من األشكال.