إنارة الزنازين املظلمة
فــي شـهـر رمــضــان يـتـكـافـل املـجـتـمـع ويـتـسـامـح أفراده بحثا عن املثوبة، وتساهم الدولة في تقوية هذا الشعور بصدور قرار العفو عن املساجني ضمن اإلطار التنظيمي في إجراء اته الجزائية. واملسجونون فئة قادتها الظروف ألن تكون محبوسة خــلــف الــقــضــبــان، وحـــني رفـــع شــعــار «الــســجــن إصالح وتــهــذيــب» تـكـالـبـت الــجــهــود فــي الـبـحـث عــن الوسائل اآلمنة والوقائية لكي ال يعود السجني إلى مزاولة الجرم الذي قاده للسجن. ومنذ فترة طويلة وأنـا أطالب برفع صحيفة السوابق عن السجني لكي يتم استصالح املذنب وإعادة هيكلته من خالل خلق الفرص ألن يندمج في املجتمع من خالل العمل ونسيان جرمه الذي اقترفه. وكـم كنت سعيدا وأنـا أقـرأ خبر توقيع اتفاقية تنظيم عمل النزالء من املساجني لدى منشآت القطاع الخاص، الـتـي تعمل داخـــل الـسـجـون الـتـابـعـة للمديرية العامة للسجون، تلك االتفاقية التي تهدف عمل املساجني في القطاع الخاص، وهـذا يعني أن تلتزم املنشأة املشغلة بدفع رواتب شهرية للنزالء مع تحديد الحد األدنى من األجــر، وتعد هـذه الخطوة متقدمة في ترتيب وتهيئة النزيل لالنخراط في الحياة العملية واكتساب الحرفة التي من شأنها أن تدر على السجني داخال (مهما كان ضئيال) في أن يصوب هدفه ألن يكون مواطنا صالحا، ويــبــعــد عــنــه شــبــح الــنــبــذ املــتــبــادل بـيـنـه وبـــني أطياف املجتمع. وإعـــــــــادة تـــأهـــيـــل املـــســـاجـــني مــــن خـــــالل خـــلـــق وسائل تحفيزية ألن يكون عضوا فاعال يتجاوز أزمته النفسية وظــروفــه ودفــعــه بــالــوســائــل املــحــفــزة ألن يـتـغـيـر نحو القيم اإليجابية، وقـد يكون اإلقـبـال على العمل منفذا لالستصالح السجني وخلق قيم جديدة لديه، وحينما تــوجــد مـثـل هـــذه املـــبـــادرة الــتــي تــقــودهــا وزارة العمل وإدارة السجون تغدو مـبـادرة رائعة تسجل في سجل الجهتني الراعيتني لها بالشكر والعرفان. وألن السجني طاقة بشرية مهدرة إذا ألقي في السجن من غير تحريك لطاقته وجذبها للعمل تكون طاقة سلبية وعالة على الدولة في إنفاقها عليه أثناء فترة العقوبة، وعالة إن لم يعمل ذلك السجني وجد نفسه من غير دخل فيعود للسجن مرارا، لتكن هذه االتفاقية خطوة متقدمة الستصالح من قادته الظروف إلى الزنازين املظلمة.