Okaz

الضريبة على األموال املجانية في البنوك

- * كاتب اقتصادي سعودي د. عبداهلل صادق دحالن * abdullahda­hlan@yahoo.com

تعتبر بـعـض الــبـنــو­ك السعودية من ضمن أكبر البنوك في العالم تــحــقــي­ــقــا لـــــألرب­ـــــاح، وعـــلـــى وجه الخصوص البنوك التي تتعامل باألموال املجانية (واألمـــــ­ـوال املـجـانـي­ـة هــي األمـــــو­ال املــودعــ­ة الــتــي ال يــحــصــل أصــحــابـ­ـهــا عــلــى عـــوائـــ­د أو فـــوائـــ­د على إيـداعـهـا لــدى الــبــنــ­وك)، ويــأتــي على رأس القائمة مـــصـــرف الـــراجــ­ـحـــي الـــــذي وصـــلـــت نــســبــة األمـــــو­ال املجانية فيه (الودائع في الحسابات الجارية) إلى ،%92 ثم يليه البنك األهلي بنسبة %75 حسابات جارية بـدون عمولة من إجمالي قيمة الودائع في الـبـنـك، ثــم يـأتـي بنك سامبا بنسبة ،%63 ثــم بنك الــبــالد بنفس النسبة ،%63 ثــم الـبـنـك البريطاني (ســـاب) ،%56 والـبـنـك الــســعــ­ودي الـفـرنـسـ­ي بنسبة ،%54 وبــنــك الــريــاض ،%53 وبــنــك الــجــزيـ­ـرة ،%52 ثــم بـقـيـة الــبــنــ­وك، ونـتـيـجـة لــهــذه الـنـسـب لألموال املجانية التي ال تكلف البنوك جهدا في استثمارها ملـقـابـلـ­ة الــعــمــ­والت املــدفــو­عــة، بـلـغ إجــمــالـ­ـي عوائد تشغيلها لحساب أرباح البنوك في الربع األول من عام م2017 نحو 11.65 مليار ريال. وفي الحقيقة، تكاد تكون البنوك السعودية األعلى ربــحــا فــي وســـط الــبــنــ­وك الـعـاملـي­ـة لـيـس لنجاحها الــعــظــ­يــم فـــي تــمــويــ­لــهــا لــلــمــش­ــاريــع االستثماري­ة والتنموية والتجارية أو لقروضها الشخصية التي تعود عليها بهذه العوائد الضخمة. وإنما الواقع حسب آخر التقارير والــتــحـ­ـلــيــالت يؤكد أن السبب الرئيسي فــــي تــضــخــم أربـــــاح البنوك هو (األموال املــجــان­ــيــة) متمثلة فــــي الـــــودا­ئـــــع التي يضعها أصحابها في البنوك وال يحصلون على فوائد وتستفيد منها البنوك واملصارف والفروع اإلسالمية في البنوك التجارية ويوجه بعض منها إلى القروض قصيرة املدى مقابل عموالت لصالح البنك. ويخطئ البعض إن كـان اعتقادهم أن حساباتهم الجارية موضوعة في خزائن وصناديق ال تمس، والحقيقة أن أموالهم في البنوك ليست إال حسابات رقــمــيــ­ة، أمـــا الــســيــ­ولــة فــهــي مـسـتـثـمـ­رة مــن البنوك وتعود فائدتها للبنوك، من أجل ذلك يظهر التضخم في أربــاح البنوك، وهـي كما أسلفت ليست نتيجة جهود وتميز البنوك فـي أنشطتها االستثماري­ة، وهنا يبرز السؤال وهو أين تذهب عوائد األموال املجانية؟ وهل عوائد األمــوال املجانية حالل على الــبــنــ­وك وحــــرام عـلـى أصــحــابـ­ـهــا؟ ولـــو فـرضــنـا أن أصحاب األموال املجانية ال يرغبون الحصول على عـوائـد لحرمانية الــربــا، فـلـمـاذا ال نطالب البنوك واملصارف بتوجيه جزء من هذه العوائد لألعمال اإلنـسـانـ­يـة، ودعـــم برامج املـســؤول­ــيــة االجتماعية، ودعـــــــ­ـم الـــعـــل­ـــم والبحث العلمي، أو دعم القروض لــلــمــؤ­ســســات الصغيرة، أو دعــم قـــروض اإلسكان بضمان الدخل الشهري، أو غــيــرهــ­ا مــن طـــرق االســتــف­ــادة بــجــزء مــن عوائد االستثمار لألموال املجانية املودعة في الحسابات الجارية للعديد مـن العمالء. وإذا رفضت البنوك هذا التوجه فإنني أقترح على الدولة فرض ضريبة على عوائد األمـوال املجانية في البنوك، وأتساءل هل تدفع زكاة على األمـوال املجانية التي يتجاوز رقمها التريليون ريال؟ إن مبلغ 1.06 تريليون ريــال ودائــع تحت الطلب يعتبر رقما عاليا، وفـي وجهة نظر االقتصادين­ي يعتبرون هـذا املبلغ خسارة على االستثمار، ولو تـحـول نـصـف هــذا املـبـلـغ لالستثمار فــي مشاريع مــــدروسـ­ـــة لــنــمــا وتـــضـــا­عـــف وســـاهـــ­م فـــي التنمية الـشـامـلـ­ة فــي املـمـلـكـ­ة، وســاهــم فــي تخفيض نسب البطالة وارتفعت نسب نمو الناتج املحلي. وتعتبر البنوك العاملية زيادة الودائع غير املستثمرة في تمويل مشاريع أو في وسائل استثمارية أخرى عبئا عـلـى الــبــنــ­وك، ألن جميع الــودائــ­ع فــي األجل القصير أو الطويل أو في الحسابات الجارية تدفع بعض البنوك عليها فوائد ألصحابها. ويـلـجـأ الـبـعـض مــن أصــحــاب األعــمــا­ل املتحفظني على التعامل مع البنوك التجارية إليـداع أموالهم في البنوك اإلسالمية رغم أنها بنوك غير مسجلة فــي املـمـلـكـ­ة، وال تــوجــد قــوانــني وضــوابــط ورقابة مالية عليها ألن عملها غير نظامي في اململكة. وقد طالبت وما زلت أطالب بضرورة ترسيم عمل البنوك اإلسالمية من خالل منحها تراخيص رسمية تخضع ملراقبة النظام املالي في اململكة. ففي وجهة نـظـري هــذا هـو املـخـرج اآلمــن للحفاظ على أموال املـودعـني فيها، وهــي الحل األمـثـل لتوطني ودائع البنوك اإلسالمية في اململكة لتشارك في التنمية من خـالل املشاريع االقتصادية التي تخلق فرص العمل وترفع نسب نمو الناتج املحلي. آمـــــل أن تــحــظــى الـــبـــن­ـــوك واملـــــص­ـــــارف اإلسالمية باهتمام الــرؤيــة املستقبلية للمملكة ،2030 وقد حــان الـوقـت لترسيم عملها مـن خــالل نظام يتيح ملؤسسة النقد مراقبتها ومتابعتها لضمان حقوق املــودعــ­ني السـيـمـا أن بـعـض الـبـنـوك اإلسـالمـي­ـة قد حققت نجاحا كبيرا فـي التنمية الشاملة، وعلى وجـــه الــخــصــ­وص فـــي بــعــض مـــن الـــــدول النامية، وحــقــقــ­ت األمــــان الـنـفـسـي الــــذي يـبـحـث عــنــه رجال األعمال املسلمون عند تشغيل أموالهم بعيدا عن شبهة الربا.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia