Okaz

أي األبواب أطرق؟

- عزيزة المانع azman3075@gmail.com

القارئة هيفاء، بعثت برسالة تسأل فيها كيف تصبح كاتبة، تقول في رسالتها: «مـن منطلق مقالك اليوم (الكتابة فـن) اسمحي لي أن أبـث لك همي. الكتابة مـوهـبـة أحــب أن أطــورهــا وأعــمــل بـهـا. مــن ســنــوات أكـتـب مــقــاالت فــي صفحة النقاشات ورأي القراء، وأحببت أن أمتهن هذه الوظيفة وأصبح كاتبة، فهل توجهيني أي األبواب أطرق؟» يا عزيزتي هيفاء، متى كنت تملكني املوهبة، فالباقي سهل، ألن املوهبة فطرة ال يمكن اكتسابها، أما ما كان غير ذلك فباإلمكان العمل واالجتهاد الكتسابه والتمكن منه. لكن املوهبة في كل شيء، في الكتابة والخطابة والشعر والرسم والتصوير واملوسيقى أو غير ذلك، في كل مجال هي تحتاج إلى صقل وتدريب واستكمال لألدوات املعينة على اإلتقان، وال يغني االكتفاء بها وحدها. لذلك إن أردت امتهان الكتابة، البــد مـن تنمية املــهــار­ات املرتبطة بها، وفي مقدمتها إتقان اللغة، وتوسعة االطــالع، االطــالع الواسع مهم ملن يطمح إلى امتهان الكتابة مـن جانبني؛ مـن جانب يعينه االطــالع الـواسـع على تطوير أسلوب الكتابة لديه، ومن جانب آخر، يزوده باملعارف التي يحتاج إليها في ثنايا كتابته. أما ما هو أهم من هذا كله، أن ال يكون اإلقبال على الكتابة من أجل الشهرة أو نيل اإلعجاب أو الحصول على مهنة، فالكتابة غالبا ال تكون ناجحة إال متى كانت نابعة من الـذات معبرة عنها، تعتمد األصالة وتنأى عن التقليد، فمن عوامل النجاح أن يتفرد الكاتب بأسلوبه، ولغته، وأفكاره التي يطرحها، وأكثر ما يقتل الكاتب أن يكون تابعا، يقلد ما يكتبه اآلخرون، ويكرر ما يقال. كذلك، كاتب املقالة البد له أن يفرق بني أسلوب كتابة املقالة األدبية واملقالة االجتماعية واملقالة العلمية، فكل مجال له أسلوب يناسبه، وعليه أن يعرف ما يناسب موضوعه من األساليب، كما أن عليه أن يبتعد في كتابته عن النصح والوعظ أو التعليم، فمثل هذه األدوار تنفر القارئ وتجعل الكاتب غير مقنع لقارئه وغير جــاذب في كتابته، فالقارئ يبحث عن الكاتب الــذي يحدثه أو يحاوره أو يسليه، وليس عن الكاتب الذي يتعالى عليه. بعض من الشباب يرون في الكتابة الصحفية حلما يتطلعون إلى تحقيقه بكل الـوسـائـل، فالكتابة فـي الصحف بالنسبة لهم تمثل إغـــراء كبيرا، فهي ترتبط بالشهرة واملكانة وربـمـا بشيء مـن السلطة، كما أنها أحيانا تجلب مــردودا ماليا مغريا، لكنهم يتسرعون في الـوصـول إلـى ذلـك قبل أن تكتمل قدراتهم الكتابية، وقبل أن تتبلور موهبتهم اإلبداعية، وأغلبهم ال يبذلون جهدا كافيا لتطوير مهاراتهم فـي الكتابة، وفــي الـوقـت نفسه يتوقعون أن تنشر الصحف ما يكتبون وأن يجدوا من القراء الرضا والتفاعل معهم، حتى وإن بقيت كتابتهم على حالها من عدم االكتمال والتبلور. وأســوأ مـن هــذا، أنهم حـني ال يتحقق لهم ذلــك، ال ينتقدون أنفسهم، وال يرون جوانب الضعف في كتابتهم للتغلب عليها، وإنما يقنعون أنفسهم أنهم لم يحققوا أحالمهم في الكتابة في الصحف ألنهم ال يملكون واسطة تشق لهم الطريق.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia