من «مستعمرة عزمي والقرضاوي» إلى «محمية أردوغان» !
أن تكابر وتغتر شيء! وأن تتآمر شيء آخر. أما مواجهة الحقيقة ال تشبهها إال حقيقة مثلها. إن الـدول املشاركة في قرار مقاطعة قطر ليست عدوة لها، ال تريد ســوى املصلحة الحقيقية لـدولـة شقيقة شـــذت عــن الـعــصـبـة بـــ «جـــنـــون» راغــبــة فــي أن تكون عاقاتها معها أوثق وأشد حميمية وصدقية و«غير متلونة» أو متناقضة. وكـل تلك اإلجـــراءات الخاصة بقطع الـعـاقـات، والـقـوائـم اإلرهــابــيــة، واالسـتـيـاء من أبواقها املستأجرة وإعامها الذي يبث الفتنة والفرقة.. كلها تهدف إلـى تحسن سلوك تلك الـدولـة، وحملها على الكف عن ممارساتها، وتخبطاتها، وتناقضاتها، وعداواتها ألمتها ومحيطها. وال مــنــدوحــة مـــن الـــقـــول إن عــلــى حــكــومــة قــطــر، في أتــون األزمـــة الـراهـنـة الـتـي ستواجهها بـقـوة أن تفكر جـيـدًا: مـا هـو الهامش الــذي سيتيح لها الـخـروج من مضاعفات هذه األزمــة؟ وأن تسأل نفسها: أيهما أهم ملستقبلها وأمـنـهـا واســتــقــرارهــا: يـوسـف القرضاوي وزمــرتــه أمــثــال «الــتــافــه» وجـــدي غـنـيـم، أم السعودية واإلمـــــــارات والــبــحــريــن ومــصــر؟ وأن تــتــســاءل أيضًا: أيهما يهمها العاقة مع واشنطن وحلفائها، في ظل رؤيـــة مـعـتـدلـة، أم االرتــمــاء فــي أحــضــان طــهــران؟ وأن تـحـدد أيهما يمثل العقل واملـنـطـق: التوقف عـن دعم الجماعات اإلرهابية واملتطرفة، والعاقات املشبوهة، أم االستمرار في تمويلها وتقديم التبريرات املكذوبة املفضوحة؟ وأيهما أهم ملصلحتها: الفصام النفسي والعقلي بإقامة عاقات مع إسرائيل وحماس في آن معًا والتآمر لتدمير البيت الفلسطيني بالضغط على السلطة الفلسطينية؟ واألســئــلــة تــــتــــرى بــانــهــايــة، بــعــدمــا اتــضــح أن قطر مـــتـــورطـــة بــمــا ال يــــدع مـــجـــاال لــلــشــك فـــي ممارسات ومــؤامــرات ال يقرها ديــن وال عــرف وال قـانـون دولي. فـهـي إذن أمـــام مـرحـلـة فــارقــة تتطلب قـــدرًا كـبـيـرًا من املسؤولية ومواجهة الذات، ألن تورطها مؤكد وظاهر وموثق باألدلة، ولن ينقذها من ورطتها سوى أشقائها الـحـريـصـن عليها. والــوقــت يـمـضـي، ولــيــس أمامها خــيــار غـيـر أن تـنـصـاع وتـصـلـح بنفسها مــا أعطبته سياساتها وعاقاتها املشبوهة باملتطرفن، وإال فإن العالم سيحاصرها أكثر فأكثر، وسيصبح حلمها بأن تجمع سكان األرض ملنافسات كأس العالم في 2022 سرابًا، ألن العالم لن يرحل إلى دولة تمول اإلرهابين، ولن يذهب لدولة منبوذة من األقربن واألبعدين. وبوجه العناد القطري ضد األمــة واإلجـمـاع الدولي، البد من القول إن على الشعب القطري أن يساهم ويدلي بدلوه في معركة تغيير سلوك حكومته، حتى ال يجد نـفـسـه مــحــاصــرًا ومـــعـــزوال مــن الــعــالــم بــأســره بسبب تــصــرفــات صـبـيـانـيـة مـــؤذيـــة، وعــنــدمــا تــصــل األمور إلـــى تـلـك الـــوهـــدة لــن تــجــدي الــعــواطــف، واملجامات السياسية. فــقــرارات الشرعية الدولية بشأن مكافحة اإلرهـــاب، ومحاربة التطرف، وكبح تمويل جماعات العنف والتشدد واضحة، وملزمة، ومـن يخرج عنها يصبح خارجًا عن إرادة املجتمع الدولي بأسره. واألشــد خـطـورة على الشعب القطري الشقيق اتجاه حــكــومــة بـــــاده لـــانـــضـــواء تــحــت لـــــواء تــحــالــف «شر جـديـد»، هـو معسكر طـهـران – أنـقـرة – الــدوحــة. وهو تجمع كل املؤشرات تشير إلى أن حكومة قطر متجهة نحوه بقوة وتهور، دون استبطان العواقب، واستكناه املحاذير، وستغامر القيادة القطرية بفقدان املنظومة الخليجية والـواليـات املتحدة، حتى لو بقيت قاعدة العديد فـي أراضـيـهـا، مثلما غـامـرت بفقدان األشقاء الخليجين والعرب واألفارقة واآلسيوين. هل يمكن لـــدولـــة صــغــيــرة مــحــاصــرة ومــقــاطــعــة أن تـعـيـش في كوكب منعزل؟ األكيد أن قطر تواجه أزمة حقيقية ال تدرك التعقيدات السياسية واألمنية والجيوبوليتيكية التي ستحدثها خـيـاراتـهـا، ومــا سينجم عـن قــرارهــا استضافة قوات تركية، ووجود رجال الحرس الثوري اإليراني لحراسة أميرها، والحقيقة التي ال مناص من قولها ألشقائنا القطرين أن ال عدو لشعب قطر سوى حكومته فقط، وبفضل سياسات الدوحة الحمقاء ستتحول قطر من مستعمرة إخوانية إلى محمية تركية – إيرانية. وهو مصير ال يريده أي خليجي وعربي للشعب القطري األصـــيـــل الـــــذي يــجــب عــلــيــه أن يـــرفـــع صـــوتـــه رفضًا الســتــبــدال احـــتـــال بــاســتــعــمــار، وتـــطـــرف وإرهــــاب
باعتدال.