..ومنحت اإلرهاب غطاءً شرعياً
مـــنـــذ أن مــنــحــت قـــطـــر حـــركـــة طـــالـــبـــان شرعية سياسية، وسمحت بفتح مكتب لها في الدوحة أوائــــــل يــونــيــو عــــام ،2013 بــــدا واضـــحـــا كيف تمكنت الـحـركـة اإلرهــابــيــة فــي وقــت قصير من استعادة قوتها املادية والعسكرية، إذ لم تحتمل وقتا طويال بعد أن طاب لقادتها رغد العيش في املجمعات الـفـاخـرة الـتـي وفرتها لهم الحكومة الـقـطـريـة، لتعلن عــن أولــى عملياتها اإلرهابية مــن الــدوحــة بعد أن اسـتـهـدف مقاتلوها قاعدة أمريكية في أفغانستان. ثــــالثــــة أشــــهــــر فــــقــــط، مـــــن اســـتـــضـــافـــة الــــدوحــــة لـــ«طــالــبــان»، انـتـحـاريـون ومسلحون مدججون بــأحــدث األسـلـحـة والــســيــارات املفخخة ينتمون للحركة يهاجمون قاعدة «تـورخـام»، العسكرية األمـريـكـيـة فــي أفـغـانـسـتـان، فــي هـجـوم أدى إلى تـدمـيـر قــرابــة 41 شـاحـنـة وعــربــة مــدرعــة تابعة للقوات األمريكية ومقتل العشرات مـن الجنود بحسب ما نقلت وكالة «رويترز» في حينه. مــنــذ ذلــــك الـــوقـــت، بـــــدأت تــظــهــر بـــــوادر قــلــق في تــصــريــحــات بــعــض املـــســـؤولـــن فـــي املخابرات األمـريـكـيـة، ومستشارين فـي الـكـونـغـرس، بشأن الـــعـــالقـــات الــقــطــريــة املــشــبــوهــة مـــع الجماعات اإلرهابية حول العالم، إذ إن حكومة الدوحة لم تتوقف عند عالقات متينة مع «طالبان» فحسب، بـل امـتـدت أيـضـا لتصل إلــى عـالقـات وثيقة مع مــنــظــمــات أكــثــر تـــشـــددا مــثــل «داعـــــــش» وجبهة النصرة. عالقة قطر بـ«طالبان» بدأ أول فصولها، عندما توجه إليها ألول مرة قادة من الحركة عام ،2010 إلجـراء مفاوضات سرية مع الحكومة األمريكية إبان عهد الرئيس األمريكي السابق باراك أوباما الذي وجهت له انتقادات عديدة بشأن ما وصف بـــ«اتــفــاق ســـالم مـحـتـمـل لــوضــع نــهــايــة لوجود قوات حلف شمال األطلسي في أفغانستان». لــكــن قــطــر حــكــمــت مــســبــقــا عــلــى هـــــذه املساعي بالفشل، ليبقى بعض زعماء طالبان في الدوحة، وكـان لها ما أرادت، إذ اعتاد هـؤالء اإلرهابيون على رغد العيش فيها، وما وفرته لهم الحكومة الـقـطـريـة مــن رفــاهــيــة مـطـلـقـة، إذ ال يـــزال هؤالء يتجولون في املراكز التجارية وأســواق الدوحة ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي في مجمعات سكنية فاخرة على حساب الحكومة القطرية. مسؤولون أمريكيون في وزارة الخارجية وأجهزة املخابرات األمريكية شككوا في مدى التزام قطر بـفـرض رقـابـة على املتشددين الـذيـن يعيشون على أراضيها، أو الذين يتم اإلفراج عنهم مـن معتقل غوانتنامو ويـخـتـارون قطر مكانا مفضال للعيش بها. وبــحــســب تــقــريــر نــشــرتــه «رويـــتـــرز» في وقت سابق، قال محقق في الكونغرس، أنه منذ أن اكتشفنا أمر هذه التنقالت أبــدى أعضاء بالكونغرس مخاوف كبيرة بناء على تقديرات املخابرات وأداء قطر السيئ في املاضي، بشأن رقابتها على املتشددين املفرج عنهم، إذ لم تلتزم بتنفيذ وعودها بمنعهم من مغادرة البالد، إذ شوهد عدد منهم يقاتلون فــي صــفــوف الــجــمــاعــات اإلرهــابــيــة فــي سورية والعراق وليبيا. مشرعون أمريكيون أيضا انتقدوا بشدة الرئيس األمريكي السابق بــاراك أوبـامـا، بسبب تساهله فـي التعامل مـع قطر، ومــدى مالءمتها كوجهة لــلــمــتــشــدديــن فـــي حـــالـــة اإلفـــــــراج عــنــهــم، ومدى قدرتها على فرض شروط أو قيود على تنقالتهم وأنشطتهم، إذ تمنع سياسة الحكومة األمريكية التفاوض املباشر مـع اإلرهـابـيـن، ولتفادي أية اتـهـامـات لجأ الرئيس السابق أوبــامــا لوساطة قطر التي لها تاريخ طويل مع اإلرهابين. ارتــــبــــاط الــحــكــومــة الــقــطــريــة بــــ«طـــالـــبـــان» كان واضحا في مناسبات عديدة، كان آخرها مــطــلــع الــــعــــام الـــحـــالـــي عندما هــاجــم انــتــحــاريــون من الحركة دبلوماسين إماراتين في قندهار األفــــغــــانــــيــــة، أســــفــــر عن مــــقــــتــــل خــــمــــســــة منهم وإصــــــابــــــة 15 آخرين بجروح من بينهم نائب حاكم اإلقليم وســفــيــر اإلمـــــــــارات، إضـــافـــة إلــــى مقتل الـــعـــشـــرات فــــي هــجــمــات عـــــدة شهدتها أفغانستان. وطـــالـــب حــيــنــهــا الــرئــيــس األفـــغـــانـــي محمد أشرف عبدالغني بإغالق مكتب حركة «طالبان» في قطر، مبينا أنـه منذ إنشاء هـذا املكتب، لم تتحقق أي انـفـراجـة فـي املـفـاوضـات الرامية لــدفــع قــــادة الــحــركــة لـلـجـلـوس عــلــى طاولة املفاوضات، بل زادت في إرهابها، مؤكدا أن النتائج التي توصلت إليها الحكومة األفــغــانــيــة تـكـشـف تــــورط الــحــركــة في الهجوم الذي استهدف الدبلوماسين اإلماراتين في قندهار. لـــــكـــــن قـــــــطـــــــر، تـــــجـــــاهـــــلـــــت كل األصــــوات املــنــددة بالحركة، وبــــدأت فــي تــوســيــع قاعدة دعـــمـــهـــا وتــمــكــيــنــهــا في بـــســـط نـــفـــوذهـــا مجددا عـــــــلـــــــى املـــــــشـــــــهـــــــد في أفغانستان.