الطريق اآلمن لـ «الدمار»
فـي عــام ،2010 بــدأت عـاقـة الحكومة القطرية بحركة طالبان تأخذ شكا استثنائيًا، إذ رعت محادثات ممثلي حـركـة طـالـبـان الــذيــن وصــلــوا ســرا إلــى الــدوحــة إلجراء محادثات مع مسؤولني غربيني. وفي أوائل عام ،2012 علقت طالبان املحادثات األولية والتي عقدت في الدوحة مع الواليات املتحدة التي ركزت على تبادل األسرى، إذ كانت الحركة تطالب باإلفراج عن خمسة من كبار عناصرها من معتقل غوانتانامو مقابل تحرير الرقيب األمريكي باو بيرغدال، الذي يعتقد أنه في قبضة طالبان منذ عام .2009 لكن عدد ممثلي طالبان وأنشطتهم في قطر راح يتزايد بصورة تدريجية. واآلن يوجد في قطر ما يزيد على 15 عنصرًا رفيعي املستوى يعيشون برفقة عـــائـــاتـــهـــم، ويـــمـــثـــلـــون حـــركـــة التمرد الـرئـيـسـيـة الــتــي يـقـودهـا املــا محمد عــمــر، ويــتــنــقــلــون فـــي شـــــوارع قطر بكل حرية. ورغم أن عناصر طالبان بــــصــــورة عــــامــــة، ال يـــــبـــــادرون إلى الــظــهــور كـثـيـرا خـــال إقـامـتـهـم في قطر، ألن الدوحة ليست مدينة كبيرة إال أنه يمكن بسهولة ومن آن آلخر رؤية بعض ممثلي الحركة يقودون سياراتهم أو يمشون فـي الــشــوارع ويــرتــادون مراكز التسوق واملساجد. ونشر أحد الدبلوماسيني العاملني بالسفارة األفغانية في الدوحة قصة مقابلته مصادفة بأحد ممثلي طالبان في مركز تجاري بالدوحة، قائا إن «عناصر طالبان، مــثــلــهــم مــثــل غــيــرهــم مـــن األفــــغــــان، يــــرتــــادون السفارة األفــغــانــيــة لـتـسـجـيـل مــوالــيــدهــم أو تــجــديــد وثائقهم الثبوتية». ويــقــول رجـــل أعــمــال أفــغــانــي يـعـيـش فــي الــدوحــة إنهم يعيشون في الدوحة في منازل مريحة وتتولى الحكومة القطرية دفع تكاليف اإلقامة، مع توفير األمن والحماية لقياديي حركة طالبان وإقامة دائمة لهم. قــطــر تـعـتـبـر املــكــان املــفــضــل بـالـنـسـبـة إلـــى طــالــبــان، إذ تتولى مـن خــال مكتبها فـي الــدوحــة ترتيب اللقاءات واملــحــادثــات السياسية مــع األطــــراف الـتـي لـهـا نـــزاع أو مصالح مع الحركة، فالواليات املتحدة على سبيل املثال كانت ترغب في إطاق سراح الرقيب بيرغدال األسير في إطار نوع من االتفاق مع طالبان. أما طالبان فتشترط إطاق سراح أعضائها املحتجزين في معسكر االعتقال الــذي تديره الـواليـات املتحدة في خليج غـوانـتـانـامـو، كما تـرغـب فـي تقليص اعتمادها على باكستان، وإبراز حضورها على الصعيد العاملي. وتصر حكومة قطر على أن استضافتها لقادة طالبان تنبع من رغبتها في املساعدة والترويج لنفسها كوسيط رئيسي في هـذا الـصـراع الــذي طـال أمــده، ولكن بحسب مـسـؤول فـي وزارة الخارجية التابعة لحكومة طالبان سابقا فـإن قطر كانت تحافظ على عاقات «وديــة» مع الحركة، وبعد سقوط الحكومة، لم يجد قادتها مكانا يـــلـــوذون بـــه. وتــقــدم عـــدد مــن قــيــاديــي طــالــبــان رفيعي املستوى بطلبات لجوء إلى قطر، أسماء بعض املتقدمني بـطـلـبـات الــلــجــوء مــدرجــة عــلــى قــوائــم الــعــقــوبــات التي تصدرها األمم املتحدة أو تلك التي تصدرها الواليات املتحدة األمريكية، أو ألنهم مطلوبون أمام العدالة في الواليات املتحدة. وتــمــكــن، بــرغــم هـــذا، بـعـض عناصر طالبان من السفر إلى قطر بصفتهم عــــمــــاال عــــاديــــني أو رجـــــــال أعمال أفغانا، ولم يكن أولئك من قيادات طـالـبـان وال مــن األســمــاء املعروفة، وبـــإمـــكـــانـــهـــم االخــــــتــــــاط بسهولة بأفغان الشتات في الخليج. وتــمــكــن أيـــضـــا املــــا عــبــدالــســام ضعيف، الـسـجـني الـسـابـق فــي غـوانـتـانـامـو وسفير طالبان لــدى باكستان، مـن االنـتـقـال إلــى قطر واإلقامة فــيــهــا بــمــجــرد إزالـــــة اســمــه مـــن عــلــى قــائــمــة العقوبات الـــدولـــيـــة، مــصــطــحــبــا عــائــلــتــه، كــمــا كــــان لــقــطــر نشاط ملحوظ في انتفاضات الربيع العربي ودعمت عددًا من املتمردين املسلحني في كل من ليبيا وسورية ومصر. ويبقى الدور القطري مشبوها داخل طالبان، وتدخات قطر في سورية وفي املقابل تنظيم القاعدة بايع حركة طالبان، وأعـلـن الــوالء لها، إذ أعلن أسـامـة بـن الدن في إبريل 2001 «مبايعته» لزعيم حركة طالبان الحاكمة في كابول املا محمد عمر. وكـان املتحدث باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، قد اعترف في يونيو املاضي بــوجــود تـنـسـيـق كــامــل بــني حــركــة طــالــبــان والسلطات فــي قـطـر، مــن خــال مكتب دائـــم فــي العاصمة الدوحة، وأضاف أن مكتب قطر هـو املكتب املمثل لنا في الشؤون السياسـية بأوامر من القيادة، ويمثــل اإلمارة اإلسامية بناء على الصاحيات التي منحــت لــه، وذلك في حوار نشرته «مجلة الصمود» التابعة للحركة.