انهيار اجلزيرة أمريكا.. والرهان على +AJ
لقد ظـل البحث عـن موطئ قــدم داخــل الواليات املتحدة للتأثير واستمالة الرأي العام األمريكي، هـاجـسـًا يـــراود شبكة الــجــزيــرة، وهــو الهاجس الذي تم ترجمته الحقًا في تأسيس قناة خاصة بذلك، وهي قناة الجزيرة أمريكا. وألسباب عدة، من أهمها أنها لم تستطع أن ترفع متوسط معدل مشاهداتها إلى أكثر من 35 ألفًا في الليلة حسب مؤسسة األبحاث نيلسن، وهو رقم ضئيل جدًا، لم تصمد معه القناة أكثر من ثالثة أعوام، على الرغم من صرف أكثر من ملياري دوالر عليها. وعلى إثر هذا االنهيار، أدركت الشبكة أن فرصتها لــلــبــحــث عـــن مـــوطـــئ قــــدم لــلــتــأثــيــر فـــي الداخل األمــريــكــي، هــو دور يـمـكـن أن يــؤديــه املشروع الــولــيــد حــديــثــًا حــيــنــهــا، وهــــو الـــجـــزيـــرة بلس )+AJ( إنجليزي، وهي عبارة عن قناة إخبارية وترفيهية واجتماعية على تطبيقات الهواتف الذكية وحسابات الشبكات االجتماعية. حاولت شــبـكــة الــجــزيــرة عــنــد تـأسـيـسـهـا لــــ +AJ عربي وإنجليزي، استلهام نماذج جديدة في صناعة املحتوى، ومن أهمها BuzzFeed وماشابل -Mas able وهي مواقع تقوم على جمع األخبار واملواد الترفيهية واالجتماعية والفيديوهات والصور، وإعــادة تقديمها في قوالب رشيقة ومختصرة على خالف وسائل اإلعالم التقليدية، غير أن الـ +AJ لـم يستطع -ال فـي نسخته اإلنجليزية وال العربية- االنعتاق عن اإلستراتيجية اإلعالمية الـشـامـلـة لـلـشـبـكـة، لـــذا اتـسـمـت مـعـظـم تغطيات هذا املوقع بأدوات الخطاب نفسه في شقيقاتها من القنوات التقليدية، وبدت تغطيات املوقعن امتدادًا طبيعيًا للتناقض والتباين بن قناتي الجزيرة عربي والجزيرة إنجليزي. إذ على +AJ إنـجـلـيـزي، سـيـبـدو الــوجــه اإلنــســانــي املتسامح لـــلـــدوحـــة، عــبــر مـــوضـــوعـــات مــعــظــمــهــا ليست سياسية، بل ترفيهية وإنسانية متصالحة مع القيم اإلنسانية الغربية، إذ يتبنى املوقع -مثالالــدفــاع عــن الـحـقـوق والــحــريــات والــوقــوف ضد العنصرية والتمييز العرقي والجنسي، بما في ذلــك الــدفــاع عـن «حـقـوق املثلين» فـي كـل مكان (نشر املوقع الكثير من املواد في الدفاع عن حقوق املثلين). وعندما تحضر السعودية أو اإلمارات أو أي مــن خــصــوم الــدوحــة، فــإن هــذا الحضور غالبًا سيكون عـن طريق قصة صحفية تكرس لــصــورة ذهـنـيـة سـلـبـيـة، إذ نـشـر املــوقــع الكثير من الصور والقصص اإلنسانية ضد مقاطعي الــدوحــة. وعلى االتـجـاه اآلخــر حيث قناة +AJ عربي، فإن الشخصية الدينية والقومية هي من يهيمن على مـفـردات هـذا الخطاب، ومعه تكاد تختفي القصص واملــواد الثقافية والترفيهية، فـيـمـا يـتـصـدر املــحــتــوى الـسـيـاسـي بـأكـثـر حدة في الطرح عن نظيره في القناة الجزيرة عربي. ومــع هــذا الــواقــع الـغـريـب لشبكة الـجـزيـرة على مستوى املمارسة الصحفية، وتباينات خطابات قــنــواتــهــا اإلعــالمــيــة، ال يــبــدو أنــنــا بـــــإزاء كيان إعــالمــي يمكننا أن نقيمه وفــق آلــيــات وقواعد الــعــمــل الــصــحــفــي، بـــل يــبــدو أنــنــا بـــــإزاء شبكة تؤدي مهمة محددة في صياغة وعي وصناعة التأثير تنتهي بخدمة أجندات سياسية. يصف الصحفي هيو مايلز املقرب من شبكة الجزيرة، ومــؤلــف كــتــاب: الــجــزيــرة الــتــي تـتـحـدى الغرب، في تفسيره لدوافع الشيخ حمد بن خليفة وراء تـأسـيـس مــشــروع شبكة الــجــزيــرة: «يعتقد (أي حمد بن خليفة) أنه رجل قد أرسل في مهمة من الـلـه»، فـي إشــارة إلــى أن شبكة الجزيرة لـم تكن أكثر من مشروع سياسي، ال صحفي.