°ÊUC — w p×C

فن اإلضحاك من أعسر الفنون، ربما ألن األسباب التي تدفع باإلنسان إلى الضحك ما زالت مجهولة للناس، ورغم أن كثيرا من الفاسفة حاولوا فهم دوافع الضحك ووضعوا النظريات حولها، إال أن ذلك لم يفد البشرية كثيرا في حل لغز اإلضحاك، فما زال التفسير غامضا، وما زال الناس حائرين ال يعرفون لم يضحكون ولم يختلفون فيما بينهم في تذوقهم للنكتة؟ ملاذا يجد بعضهم نكتة ما سخيفة، ويجدها بعضهم اآلخر مضحكة إلى حد االستلقاء؟ فـي شهر رمـضـان مـن كـل عــام اعـتـدنـا أن تنشط بـرامـج الفكاهة املحلية، فتتبارى القنوات بتقديم ما يضحك، إال أنه مع األسـف في أغلبه متدني املــســتــوى، تبحث عــن بـرنـامـج فـكـاهـي فـيـه إملــاحــات ذكـيـة ولــذعــات مرحة تصيب املفصل فـا تجد شيئا. أغلب البرامج الفكاهية، إن لـم أقــل كلها، بـرامـج ال تتقن مـن فـن اإلضـحـاك ســوى التهريج البعيد عـن الــذكــاء، فهي تعتمد كثيرا في ما تقدمه على حركات الجسم وتعبيرات الوجه والسخرية من بعض قسمات الناس والوقوع في إيماءات عنصرية تزدري اآلخرين، وغير ذلك مما يشبهه. على الجانب اآلخر، حني تشاهد بعض برامج القنوات األجنبية الفكاهية، تلمس فــارقــا كـبـيـرا فــي مـسـتـوى الـفـكـاهـة، حـيـث يظهر بعضها متفاعا مـع األحـــداث الـجـاريـة، ســواء كـانـت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، فيتخاطب معها بأسلوب فكاهي راق تلمس فيه وأنت تضحك، ما هو مراد من إيماء ات تكشف العيوب وتنقد الحدث. هذا ال يعني أن كل برامج الفكاهة األجنبية ذات مستوى راق، تضحكك من خال مخاطبتها عقلك وفكرك، هناك برامج كثيرة ال تقل إسفافا وتهريجا وانحدارا أخاقيا عما نشتكي منه في برامجنا املحلية، إال أن الفارق هو أن التافه من تلك البرامج ال ينفرد وحـده باحتال ساحة الكوميديا كما هو الحال عندنا، حيث تجد إلى جانبه برامج فكاهية أخرى أرقى وأعمق. وهذا هو الوضع الطبيعي، فمن املتوقع أن يكون هناك برامج جيدة وأخرى رديئة، كما أن هناك أدبا جيدا وآخر رديئا وفنا راقيا وآخر منحدرا. إن غياب مثل هذا التفاوت عن البرامج الكوميدية املحلية هو ما يدفع إلى التعجب! لم تغيب عن أغلب برامجنا الكوميدية الفكاهة الذكية لتنحدر إلى مستوى اإلسفاف؟