Okaz

الليل هيا والنهار هيا

-

أيقظته أمه قبل السحور، ليحضر ثور عصيبهم (بن مشني) من قرية مـجـاورة، قـال لها «دخيلك خليني أرقــد شوية بعد بدري يـمـه، ومــا زالـــت الـدنـيـا غــــدرة»، علقت وهــي تـرفـع غـطـاء قدرها «يـا غلتي أخـاف تحمى عليك الشمس وأنـت جـاي في الطريق، والدياس بكرة، قم غسل وجهك، وكل لقمتني، وافلح الله يفلح معك». انتفض مع الدعوات النقية، تناول غرفة من طشت قطار القربة، رش بها وجهه، والتبس الثوب، واستقعد قبالة أمه، تزود بما يعينه على املشوار من طاسة البوسن والدراميح، قربت له املاء فـي غـضـارة صـغـيـرة، شــرب ومـسـح بـراطـمـه ولــف عمامته على رأسه وتناوش الريع. حـرك حلقة بـاب املصراع فجاءه الصوت من داخـل (مـن أنـت يا ِعْربي) أجاب «أنا سعد جيت آخذ ثوركم للدياس» فتحت السيدة الراقية، وسلمته الثور، فاقتاده، لم تتوسط الالهبة السماء إال وقـد ربطه تحت الجناح، جـاءت األم بقربتها وأروتــه، أعجبها سنامه املايل. مــا إن خــرج ثــورهــم حـبـيـش، وشـــاف صبيح قــدامــه حـتـى بدأت املناطحة، وأنـشـب كـل منهما قـرونـه فـي قــرون صـاحـبـه، وبعد مشقة ومــحــاوا­لت نجحا فــي فــض االشــتــب­ــاك، وبــألــف كلفة في اليوم التالي وضعا املصلبة على رقابهما فاقترنا. تابع جـارهـم حنمة الثيران فـي الجرين، قــال «يــا أم سعد أكيد ثـوركـم وثــور بـن مشني تـراحـمـو». قـالـت: هـويـه يـاخـه؟ قــال: ما يتصارع ويتعارك من األوادم إال األرحــام وأكيد الثيران زينا، ضحكت وقالت «الله ياهب لك في العثري». دقـقـوا الديسة مـع اقــتــراب الــغــروب، طلبت األم مـن سعد يسرح يسقي الثيران من الوادي، انطلق بهما وهو يقف في املنتصف لئال تلتحم، بالقرب من البئر نطح ثور أم سعد ثور بن مشني ولم ترده إال قاع البئر. صاح الصايح، تفازعت القرية، أحدهم حمل جالوق التمر لكي يفطر الصوام، وآخـر جاء باألتاريك، وثالث وفر األرشية، ومع انقضاء شطر الليل األول أخرجوه، حملوه على خشب وسدحوه في املسطح وبدأت مسامرة ومشاورة، نذبحه ما نذبحه، بيحرج يالرافقة قالها واحد يشتي املرقة، ذكوه وتسدوه وما طلع النهار إال والخبر عند بن مشني. علمي وسالمتكم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia