Okaz

شرعية مجلس النواب

- مصطفى النعمان كاتب يمني وسفير سابق mustapha.noman@gmail.com

توقف مجلس الـنـواب اليمني عن ممارسة الـدور المناط به بموجب الدستور الـسـاري، ونتيجة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية تـعـطـل عــدد مــحــدود مــن مـسـؤولـيـ­اتـه، وأضــحــت أغـلـب قــراراتــ­ه تتم بالتوافق لا التصويت، وإذا ما أضفنا إلى هذا أن المجلس الحالي هو الأطول عمرا إذ تم انتخابه عام 2003 وتم التمديد له عام 2007 لعامين إضافيين مكافأة لأعضائه نظير قبولهم تعديل الدستور الذي منح الرئيس السابق علي عبدالله صالح فرصة الترشح مجددا لانتخابات الرئاسة عـام 2006 التي فـاز بها على منافسه الراحل فيصل بن شملان بعد أن كانت مدته الدستورية على وشـك الانتهاء، ومـرة أخرى جرى تمديد إضافي عام 2009، ثم دخلت البلاد في دوامة «الربيع» واستمر المجلس ولا يـزال بمسوغ دستوري هو عدم إمكانية إجـراء انتخابات نظرا لأوضـاع البلاد الأمنية والاجتماعي­ة وبهذا صار المجلس رغم عجزه المؤسسة الدستورية الوحيدة القائمة. خـــلال الـفـتـرة الــتــي تـلـت انــقــلاب 21 سـبـتـمـبـ­ر 2014 الـــذي اسـتـولـت فـيـه جماعة )الـحـوثـيـ­ين( على العاصمة ودخــول الـبـلاد فـي جحيم حـرب أهلية مستمرة حتى اليوم، تـوزع أعضاء المجلس بين مقيم بـدون عمل؛ لأن الانقلابيي­ن حاصروا مقره وأوقفوا نشاطه تماما، وبين مهاجرين في أصقاع الأرض مع أسرهم خشية التعرض للأذى والملاحقة، وبقي الخمول يخيم على الأعضاء في الداخل والخارج ولم يلتفت أحد إلى ضـرورة النأي به عن الصراعات والحفاظ على تماسكه، ولكن فجأة دبت الحياة في جسد المجلس في الداخل فأفرج الحوثيون عن المبنى بعد اتفاقهم مع المؤتمر الشعبي في الداخل على تشكيل ما سمي مجازا )حكومة الإنقاذ الوطني( في 28 نوفمبر 2016 وحصلت على ثقة أعضاء مجلس النواب في الداخل في 10 ديسمبر 2016 ولـم تحصل على اعـتـراف مـن أي دولــة، وبـدأ النشاط الخجول في الداخل وإن كان في واقع الأمر هزليا لأنه يحاول القيام بدور رقابي على حكومة بلا مؤسسات ترتبط بها عمليا وليس لها شرعية قانونية بعد أن تم العبث بهياكلها الإدارية وتعميد ما يسمى بالمشرفين التابعين للحوثيين تفوق صلاحياتهم الوزراء وحتى رئيس الــوزراء الشكلي، وفـي الطرف الآخـر بقي أعضاء المجلس المهاجرون منقسمين بين مؤيد للحكومة الشرعية وآخرين لا يتعاملون معها وبعض يقف بين «منزلتين» وصار الصراع بين الفئتين محتدما في أروقة الاتحاد البرلماني الدولي ما حدا به إلى تعليق عضوية مجلس النواب بطرفيه. حاليا تجري مساع حثيثة لحشد أكبر عدد من النواب المتواجدين في الخارج وهم فـي كـل الأحــوال لا يمثلون الأغلبية المطلوبة دستوريا لعقد أي اجتماع فـي إطار الصراع المحتدم بين المجلسين )الداخل والخارج(، وإذا نجح الأمر فإن أغلب الأعضاء لن يعودوا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية بسبب استقرار أغلبهم مع أسرهم خـارج اليمن، كما أنـه سيضرب آخـر مؤسسة دستورية في العمق ولن تنجو مـن التأثيرات السلبية بينما المطلوب الحفاظ على تماسكها فـي الحدود الدنيا وبذل المساعي الجادة لتوحيد الأعضاء. يـواجـه أعـضـاء مجلس الـنـواب فـي الـداخـل والـخـارج مـأزقـا، فالمقيمون فـي الداخل يقومون بدور في تمثيلية لإعطاء الانطباع الكاذب بممارسة مهماتهم الدستورية في وقـت يعرف الجميع أنـه غير جـاد وغير مفيد، والـذيـن يعيشون في المهجر تم تعيين العديد منهم فـي مـواقـع تمنعهم حكما مـن الانـتـمـا­ء إلـى المجلس فهم بين مستشار ومحافظ، والكل يعلم أن لا أحـد من الطرفين سيتمكن من جمع النصاب المـطـلـوب دسـتـوريـا لانـعـقـاد المـجـلـس مـمـا قـد يـعـرضـه للتشكيك مـن قـبـل الاتحاد البرلماني الدولي. في المحصلة فكل هذا النشاط المتأخر جدا لا يعني المواطنين الذين يعانون مآسي الحرب وأحزانها ولا يثير اهتمام ناخبيهم الذين لابد أنهم قد نسوا ممثليهم الذين استمروا في مواقعهم ومازالوا منذ 14 سنة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia