Okaz

عطر الحياة

- د. إبراهيم إسماعيل كتبي

النظافة مـن الإيـمـان، وإذا سـألـك إنـسـان بعفوية أو أُجــري اسـتـطـلاع: هل تحب النظافة؟ قطعا ستجيبه بـ)نعم وألف نعم( وربما البعض يستغرب السؤال، وآخر قد يستنكره ويظنه إساءة له وتشكيكا في نظافته. إذا كانت النظافة محببة، فكم من البشر يلتزم بها ويحرص عليها في بدنه وملبسه وبيته وسلوكه العام، ومـن أجـل نظافة بيوتنا وشوارعنا ننفق مليارات سنويا للعمالة المنزلية وشوارعنا ومدننا، وننفق الكثير على أدوات ومـواد النظافة والمطهرات. هكذا النظافة بهذا المفهوم المادي الحياتي يأخذ حيزا مـن الـوقـت والجهد والمــال على المستوى الشخصي والعام؟ فـمـاذا عـن نـظـافـة الـقـلـوب وطـهـارة الأفـئـدة مـن أدران الـبـغـضـا­ء والحسد والكراهية؟ وماذا عن نظافة اللسان من الغيبة والنميمة والرياء والإساءة والسب والفتنة؟ وماذا عن نظافة اليد وطهارتها في الحقوق والمال العام؟ ومـــاذا عـن سـلامـة الـبـطـون مـن أكــل الــحــرام، وعــن نـظـافـة الـتـجـارة والبيع والشراء من الغش والاستغلال؟! نـعـم قـد نـؤاخـذ أحــدا أو الـبـعـض عـلـى إهـمـال مـظـهـره أو نـظـافـتـه، فكيف بالإنسان الـذي يغفل أو يهمل نظافة القلب وطهارته تحت أي مسمى؟! فيغتاب هذا ويؤذي ذاك، ويتطاول على غيره وحتى على زوجته أو يمكر بزميله، وفي العالم هناك ما هو أبشع من حياة الغاب كالإرهاب الغادر والمكر بدول قريبة وبعيدة بلا عقل ولا رشد كالحاصل في سلوك وسياسة قطر الشقيقة وإيران، وما تكشف منهما وعنهما من خداع وأطماع وطعن لأبناء الجوار واستقرار الأمة، والواقع والمستقبل سيظل يكشف الكثير. نحن في شهر التوبة والمغفرة والعتق من النار. قال صلى الله عليه وسلم: «الصيام جنة فلا يرفث، ولا يجهل، إن امـرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صـائـم...» وهـكـذا يقي الـصـوم الـصـادق صاحبه الـذنـوب والمـعـاصـ­ي، وما أخطرها وأكثرها مما يلقي بالغافل إلى التهلكة والخسران المبين. الدنيا مزرعة للآخرة بما كسب الإنسان لنفسه أو عليها وكما قال الحق تـبـارك وتعالى: )كـل نفس بما كسبت رهينة( وقـولـه سبحانه: )مـا يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد(.. بعض البيوت تتهدم بسبب إهمال أشياء مـاديـة وكـثـيـر مـنـهـا يـنـهـار عـلـى رؤوس أصـحـابـه لإهـمـال نـظـافـة القلب وتشوه النفس وضيق الأفق وسوء الطبائع وآثـام اللسان، وأحيانا طول اليد بالعنف البدني. شهر الصوم مدرسة عظيمة لاستقامة الحياة، لمن ينهل منها بصدق مكارم الأخــلاق، لا التركيز على أطـايـب المـوائـد وأشـهـاهـا، فالقلب نعمة عظيمة إذا سلم من الآثـام بتعظيم التقوى، والمعدة بيت الـداء. ونعرف أن الدنيا غـرورة وخادعة وتجعل الإنسان في صـراع إذا تمكنت منه، والمخرج في زاد القوى من مدرسة الصوم وكافة العبادات، ألا نكون فيها نجباء بإرادة وعزيمة، ويتكاتف الجميع لتحصين أجيال المجتمع، ليقوى على آفات العصر المـادي وغثاء وخـداع وسائل التواصل في هدم الأخـلاق وتغييب العقل والحوار وعلو الأنا. بينما تقوى القلوب هي العطر الحقيقي وأعظم أجرا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب.» اللهم أهدنا سواء السبيل.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia