«شهار».. بني شهرة «املصحة» واجلنون وقصور األثرياء
بــعــيــدا عـــن اآلراء الــجــاهــزة وقــولــبــة النص، «الجنون» و«الثراء» اتجاهان متناقضان في «شــهــار» جـنـوب الـطـائـف، أحــد أرقــى األحياء وأكــثــرهــا هــــــدوءا. فــاملــكــان يـسـتـبـطـن تاريخ حقبة زمنية آفـلـة، اشتهر خالها بالطبيعة الـسـاحـرة ووفـــرة الـبـسـاتـن الغنية بالفواكه واألودية والروابي امللهمة للشعراء.. وتاشى ذلــك تـدريـجـيـا تـحـت تـأثـيـر الـنـمـو العمراني الذي اجتاح املكان ليكون مناصفة بن منازل األثرياء واملصحة النفسية. وعلى الرغم من أن املصحة جزء من املكان، إال أن املجتمع ما زال ينظر لـ «شهار» بشكل عام كمصحة نفسية. الــحــركــة الـتـحـولـيـة لــم تـكـن الــفــاصــل الزمني لــلــحــركــة الــتــحــولــيــة لــــ«شـــهـــار» مـــن موضع للطبيعة ومـلـهـم لـلـشـعـراء، ومـتـنـزه للسكان واملــصــطــافــن إلـــى مــوقــع ملـصـحـة نـفـسـيـة، ثم مقر للطبقة املخملية ومــن يحاكيهم. وعلى مـر سـنـوات شهد الحي تـطـورات وأصـبـح في ما بعد من أرقــى األحـيـاء باملحافظة، ويمثل عامل جذب للطبقة املخملية. وعلى الرغم من أنـه أصبح مكتظا بالسكان، إال أن املتجول داخل الحي ال يلمس أي مظاهر للحياة، ويستشعر هــدوءا يعم املـكـان، وهي سمة األحياء التي يقطنها األثرياء وتتصف بالعزلة االختيارية. وبـحـسـب بـعـض الـسـكـان الــذيــن تـحـدثـوا إلى «عـكـاظ»، فـإن شهار مــازال مازما للمصحة، وهــــي أول مـــا يــتــبــادر إلــــى الـــذهـــن عــنــد ذكر «شهار». ويرى هؤالء أن الصورة التي رسمتها الـطـبـقـة املـخـمـلـيـة لـلـحـي عــلــى مـــدى سنوات لــم يـكـن لـهـا تـأثـيـر عـلـى املـفـهـوم الــعــام تجاه املــكــان الـــذي ارتــبــط ارتـبـاطـا وثيقا بمصحة نــفــســيــة. وبـــرغـــم املــــحــــاوالت إلعـــــادة صياغة فكر املجتمع وتفكيك الــصــورة النمطية، إال أن الـتـعـريـف الـضـيـق مــــازال يـخـتـصـر شهار كمصحة «لـلـمـجـانـن»، عـنـد ذكــر اسـمـه دون النظر لوجود منازل األثرياء. عـــلـــى اســـتـــحـــيـــاء، يــــقــــول أحــــــد ســــكــــان الحي لـــــ«عــــكــــاظ»: وصـــــف الـــبـــعـــض لــلــمــكــان بأنه «للمجانن» ليس إسقاطا وإنما يعود لتاريخ تشييد أول مصحة نفسية بالسعودية، كما أن ارتباطها الجذري بها مازال يؤرق البعض الذي يرى أن الجنون يتنافى وأبجديات الرقي، بينما يدرك البعض اآلخر أنه ليس من السهل االنــقــاب عـلـى مــا هــو سـائـد مــن مـفـهـوم لدى املجتمع حتى وإن كــان مـن زاويــة الحيلولة، الفتا إلى أن البعض عند سؤاله عن مقر سكنه يذكر «شـهـار» ولكن على استحياء!. وتصف نــــورة الــحــي بــالــهــدوء والــعــزلــة االختيارية واملكان املفضل لعشاق السكون، غير أنه كان وما زال أسير املصحة التي تجاوزت شهرتها شــهــرة بــعــض قــاطــنــي املـــكـــان، خــصــوصــا أن الكثير مــن الــنــاس ال يــؤمــن بــوجــود أمراض نفسية ويـصـف مــن يـعـانـون مــن اضطرابات باملجانن، حتى سكان الحي عندما ال يروق للبعض مـن خــارج الحي تصرف أحــد منهم ال يــتــردد فــي الــقــول: «مــا عليك شـرهـة ساكن فـي شـهـار»، أو إن حدثت مـشـادة كامية بن شــخــصــن يــقــول لـــآخـــر: «مــكــانــك الطبيعي شـهـار» كاختصار للجنون. وتـؤكـد نــورة أن أحياء شعبية، وأحياء عشوائية، ومخططات سـكـنـيـة شــيــدت حــديــثــا يـقـطـنـهـا الــعــامــة من الـــنـــاس أفـــضـــل حـــــاال مـــن شـــهـــار مـــن ناحية الصيت، لدرجة أن البعض يتمنى أن تنتقل املــصــحــة ملــكــان آخــــر لــعــل وعــســى أن تتغير املفاهيم تجاه الحي وسكانه.