هل يتوب الشيخ املغامسي؟

قبل عقدين من الزمن تقريبا كان أحد طالب الدراسات العليا بجامعة أم القرى يناقش رسالته للماجستير، وقـد جـاء في تلك الرسالة، التي كانت عن الليل في الشعر، وصف أحد الشعراء لطول الليل بأنه (أطول من ليل النصارى في بالد الشام) في إشارة إلى ما كان يلقاه النصارى من اضطهاد في بالد الشام آنذاك، وحني بلغ أحد املناقشني هذه املسألة انبرى معنفا الطالب طالبا منه أن يتوب إلـى الله مما كتب، ولـم يكن ذلـك األستاذ املناقش من الجهل بحيث يخلط بني ما قاله الشاعر عن اضـطـهـاد الـجـمـاعـات املــتــشــددة لـلـنـصـارى فــي بــالد الــشــام آنـــذاك وبني التحليل البالغي الذي قام به الطالب وإنما كان يريد أن يسجل لنفسه مكانا ومكسبا في زمن كانت السيطرة فيه للتشدد وكان خطاب التجريم والتفسيق هو الغالب وطلب التوبة هو الخطاب السائد، لم يطلب ذلك املناقش من الطالب أن يصحح ما كتب، على فرض أن ما كتبه كان خطأ علميا، وإنما طلب منه أن يتوب، ولم ينظر إلى ما أخـذه على الطالب بأنه خطأ وإنما هي خطيئة. تذكرت ذلك حني استمعت إلى أحد الذين رفضوا ما ذهب إليه الشيخ املغامسي من حديث عن أن السنة والشيعة واإلسماعيلية واإلباضية مسلمون ما داموا يدينون بالله ربا وبمحمد نبيا وباإلسالم دينا وهو ما يجعل دماءهم بينهم حرام، ذلك «األستاذ الدكتور» الذي ال يعنيني ذكر اسمه بدأ حديثه في الرد على ما رآه املغامسي بأن طلب منه التوبة أو كما قال وكرر: أوال عليه أن يتوب إلى الله. ولو أن ذلك الذي رد على املغامسي كان على شيء من الفطنة والعلم ملا قدم طلب التوبة قبل تقديم الحجة والدليل، ولسعى إلى إقناع املغامسي والذين اقتنعوا بما قاله املغامسي برده على املغامسي، فإذا تحقق له ذلك مضى كي يبرهن على أن ما ذهب إليه املغامسي، من اعتبار كل من دان بالله ربـا واإلســالم دينا ومحمد نبيا مسلمني، خطيئة تستوجب التوبة، إذا ما أقنع املغامسي بذلك واعـتـرف أن ما قاله ليس اجتهادا فحسب كان لذلك «األستاذ الدكتور» أن يطلب من املغامسي التوبة. تذكرت مناقشة ذلك الطالب واملناقش يطلب منه التوبة حني استمعت لذلك «األسـتـاذ الدكتور» يطلب من املغامسي التوبة فتيقنت أن هناك من ال يرى أن رأيه هو الصواب فحسب بل يرى أنه هو الحق الذي هداه الله هو وحده إليه فإذا خالفه أحد فإنما خالف الحق ومقتضى الشرع ولذلك عليه أن يتوب إلى الله من إثم ما ذهب إليه من الرأي.