åWF d «ò s lÝË√ åoA] «ò
ليست «الرقعة» دائما من جنس «الشق» كي تكون حال ملشكلة أو عالجا ملرض اقتصادي أو سياسي، كما يفترض املثل الذي يقول إن «الشق أكبر من الرقعة» فالجيل الجديد من الثقافات ال يكترث كثيرا للكم من الحلول مقارنة بالنوع من الحلول. فلم تعد الحلول كمية كما كانت أو كما كان يفترض، فضال عن أن أهمية حجم الحلول لم يعد كافيا أو مطلوبا لسد الحاجة أو لرتق نوع الشق. أزمــة املفاهيم تعصف بالقناعات والثقافات لـدى األفــراد والجماعات حتى أصبحت املراجعة حتمية لديمومة واستمرارية تلك املفاهيم عبر األجيال وعـبـر الـثـقـافـات، كـي تستمر املــواءمــة واملـقـاربـة بـن كمية املشكالت وأفضل حلولها مثلما هي املواءمة بن كمية األسئلة وأنسب إجاباتها. املــؤســســات الـحـكـومـيـة واملــوظــفــون الــحــكــومــيــون عــلــى سـبـيـل املــثــال هــم في األســـاس بمثابة حــلــول. ويـقـدمـون الـخـدمـات واملـنـتـجـات الحكومية لهؤالء الناس واملجتمع وتقديم كل ما يتعلق بتلك الخدمات واملنتجات وما يتفرع عنها ومنها أو ما يرتبط بها. لكن هذه املؤسسات الحكومية واملوظفون الحكوميون أصبحوا أكثر بكثير مــن الــحــلــول املـطـلـوبـة لــهــؤالء الــنــاس واملـجـتـمـعـات بــل هــم حــلــول ملشكالت مختلفة أو أن الحلول ليست من صنف املشكالت في كثير من األحيان. ليس ألن املشكالت قليلة، لكن أساليب الحلول وأدوات الحل اختلفت وأصبحت شاملة عن طريق التقنية، وبواسطة الرقميات واملعلومات. إن بقاء املؤسسات الحكومية بكثرتها الحالية وكثرة العاملن بتلك األجهزة الحكومية ال يعني بالضرورة كثرة الحلول ملا يواجه املجتمع والناس من مشكالت وال يعني كثرة الخيارات املطروحة أمـام الناس في تقديم الحلول ملشكالتهم. على النقيض مـن ذلــك، فــإن كـثـرة األجــهــزة اإلداريـــة واملؤسسات وكــثــرة املـوظـفـن الـعـامـلـن بـهـا، يـعـرقـل الـحـلـول ويـبـطـﺊ مــن سـرعـة الحلول ويطيل اإلجراءات ويعقدها قبل الوصول إلى تقديم الحلول. هذه الجيوش من املوظفن كما هو متوقع تستميت في إثبات أن لها دورا حتى الوهمي منها وأن لها عمال حتميا وضروريا في تلك املؤسسات وبناء على ذلك هم يستميتون في تقديس اإلجــراءات وشرعنة البيروقراطية التي تضمن بـقـاء واسـتـمـراريـة وظائفهم حتى لـو كــان ذلــك على حـسـاب الحلول الفعلية لتقديم الخدمات واملنتجات للناس واملجتمع، فال مصلحة لهؤالء املوظفن من تقليص الجهاز اإلداري وبالتالي خسارة عملهم من وجهة نظر الحلول. طبعا لست ضد إيجاد فرص عمل حقيقية للقادرين واملهنين واملحترفن من العاملن ولست أنادي بتسريح املوظفن على حساب اإلنتاجية والجودة، لكن ذلك يتطلب مراجعة نظام الخدمة املدنية والتسريع بتصفية كل املسميات الوظيفية التي لم يبق منها إال اسمها وال وجود لها فعليا، وفي نفس الوقت دراســـة إعـــادة تسمية وعـنـونـة املـهــن الــجــديــدة الـتــي فرضتها االحتياجات املستجدة واملنبثقة من ثقافة التقنية وما يرتبط بها. ليس صحيحا أن لكل مشكلة ما يعادلها من الحلول، ليس صحيحا أن كمية املشكالت تقتضي كمية من الحلول. إن االعتقاد بأن لكل عدد من املشكالت ما يعادلها من كمية الحلول، يصيب اإلدارة بالترهل والتكلس. الجهاز الحكومي يحتاج إلى زلزال إداري يعكس املفاهيم الجديدة للحلول الــذكــيــة، ولــيــس الــحــلــول الـكـمـيـة. لـقـد أصـبـحـت الــحــلــول الــذكــيــة فــي اإلدارة الحكومية مطلبا ليس لتلبية اإلحـتـيـاجـات املـتـزايـدة مـن الجمهور وإنما لتزايد الفجوة بن فريقن غير متناغمن وغير منسجمن في األداء، بقاؤهما معا يعيق اإلصالح والتطوير املطلوب. كثيرا ما يبدو الشق أكبر وأوسع من الرقعة، ليس في اإلدارة فحسب، فدول كثيرة تقف اليوم أمام مفترق حجم الشق ونوعية الرقعة. الكل ربما يعتقد أنه يعمل في خانة الرقعة، وال يساوره شك في ذلك، لكنه ربما بحاجة ليتأمل على سبيل الحالة التي وصلتها دولنا العربية، ليعرف أن الشق ليس طبيعيا تلقائيا، أمام طبيعية الرقعة. ال يمكن أن يتصور اإلنــســان حجم الـخـالف واالخــتــالف بـن أنــاس يؤمنون بذات األهداف، لكنهم يختلفون حول املراحل واألدوات والوسائل. ليدرك هذا اإلنسان أن العمل في مجال صناعة الشق واستثمار املشكالت أصبح سائدا على قاعدة اإلدارة باألزمات وليس إدارة األزمات. أمام هؤالء وأولئك، سوف يتغير املثل وسنجد أنفسنا نقول: الشق أذكى من الرقعة، بدال من الشق أكبر من الرقعة.