Okaz

‪p H½ `‬ UÝ

- ﻋﺰﻳﺰة اﻟﻤﺎﻧﻊ azman3075@gmail.com

االنحياز إلى الـذات جزء من فطرة البشر التي فطرهم الله عليها، فمن طبع اإلنسان أنه يميل تلقائيا إلى ذاته فال يرى أخطاءها، وإن رأى لها خطأ بادر إلى تبريره لتبرئتها من إثم ما فعلت، كأن يتعلل بأنه استفز، أو أنه كان مضطرا لفعل ما فعل، أو أنه لم يكن بإمكانه فعل شيء غيره. االنحياز إلى الذات ال يقتصر على تبرير األخطاء أو إنكارها، فهو يظهر أحيانا في صورة رضا عن النفس وإعجاب بها، فاإلنسان في عن ذاتـه أفضل من غيره الذين ينتقد سلوكهم أو خلقهم، فهو في نظرته لذاته كريم، طيب، لطيف، مهذب، معتدل، عادل، وغير ذلك من محاسن األخالق. الـرضـا عـن الــذات والتسامح معها والـتـمـاس األعذار لها، حالة فطرية طبيعية مـوجـودة لــدى كـل أحــد، ما هو غير طبيعي، أن يحدث عكس ذلــك، فأحيانا نجد من ال يتسامح مع نفسه أبدا متى ارتكب خطأ، ويظل الشعور بالذنب يطارده، فيأخذ في نقد ذاته ولومها، ويخنقه تأنيب الضمير حتى لربما كـره نفسه وفقد الصفاء والطمأنينة بسبب ذلك. رغــم أن محاسبة النفس ونـقـد الـــذات مــن حــن آلخر، تـعـد مــن أفـضـل الـوسـائــ­ل لتقويم الـسـلـوك والتخلص من العيوب، إال أن ذلـك متى تحول إلـى هاجس دائم، صار سببا في الشقاء والضيق وسلب الشعور بمتعة الحياة. فــاإلفــر­اط فــي لــوم الـــذات والـنـقـد الــدائــم لـهـا، اليجعل اإلنــســا­ن أقـــل عــرضــة لــﻸخــطــ­اء، أو أفــضــل تـعـامـال مع اآلخرين، قدر ما يجعله أكثر قلقا وتوترا، وأقل تقديرا لذاته. يقول خبراء التربية إن األطفال الذين يتعرضون في مرحلة الطفولة النتقادات دائمة ولوم مفرط، سواء من والديهم أو غيرهما، يتولد لديهم شعور دائم بالذنب يرافقهم في كبرهم فيظلون ينتقدون أنفسهم باستمرار ويلومونها ألنهم دائما يرونها مذنبة ومقصرة وال تستحق االحترام أو الرضا عنها. لهذا فإن الرفق باألطفال وعدم اإلفراط في توبيخهم، والتسامح مع أخطائهم البسيطة، أمر مهم ملساعدتهم عــلــى تــكــويــ­ن عـــالقـــ­ة ســلــيــم­ــة بــــالـــ­ـذات يـــكـــون قوامها التسامح واملغفرة. الـتـسـامـ­ح مــع الـــذات واملــغــف­ــرة لـهــا، ال يعني تهميش أخـطـائـهـ­ا، أو تـبـريـر مــا بـــدر مـنـهـا مــن إســــاءة، وإنما يعني االعتراف بالخطأ والعمل على إصالحه، أما إن كان مما ال يمكن إصالحه، فيكفي االعتذار عنه، ثم بعد ذلك طي صفحته ونسيانه. صحيح إن هناك أخطاء ال يمكن أن تنسى، وقد تظل مرارتها عالقة بالقلب لسوء ما حدث، وقد يظل شبح من ندم يحوم في الذاكرة، ولكن طي الصفحة ومحاولة النسيان ال بد منها لخلق السالم الداخلي مع الذات.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia