Okaz

‪øÊü« «–U*‬

-

ما إن قامت اململكة ومعها بعض الدول العربية بقطع عالقاتها مــع قـطـر حـتـى انـطـلـقـت بـعـض األقــــال­م املــأجــو­رة للتنديد بهذه الخطوة فـي محاولة مستميتة للدفاع عـن هــذه الـدولـة املارقة، وكنت قد كتبت مقالي السابق «الشياطن في إجازة» عقب اندالع هذه األزمة بقليل، وأوضـحـت فيه دور قطر املشبوه واملـشـن فـي زعـزعـة أمــن واستقرار املنطقة، فـاألزمـة األخـيـرة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكم أفعال كثيرة قامت بها قطر منذ العام .1995 يتساءل البعض -بخبث شديد- ملاذا اآلن؟ هل األمر له عالقة بالقمة العربية اإلسالمية األمريكية التي نجحت إلى الحد الذي دفع البعض للسعي من النيل منها؟ هـل األمــر لـه عالقة بما تــروج لـه وسـائـل اإلعــالم القطرية بــأن أزمتها ترتبط بوقوفها مع الحق الفلسطيني ممثال في حماس؟ غير أن األمر يتجاوز بوضوح تلك التكهنات في حال كون املتسائل يملك ذاكرة ومعرفة تاريخية تمتد لقرابة العقدين من الـزمـن، عندما بــدأت قطر تحلم بفرض نفسها في املنطقة كقوة عظمى، وتسعى للعب دور مـحـوري تغير فيه مـوازيـن القوى لصالحها وصالح الدول املوالية لها. ملاذا تفعل قطر ذلك؟ للزعامة أم للهيمنة؟ ملاذا تستضيف الكثير من املعارضن على أراضيها وتؤويهم ضاربة عرض الحائط بكونهم مطلوبن في بلدانهم األم، ملاذا تدفع بسخاء للعديد من املنظمات اإلرهابية التي تعيث في املنطقة فـسـادًا ولــم تترك فيها ال األخـضـر وال الـيـابـس؟ ملــاذا تمد يديها إليــران رغم معرفتها اليقينية بأجندة إيــران في املنطقة ورغبتها في السيطرة عليها، ملاذا تقوم بكل ذلك؟ هذا هو الرد على سؤال: «ملاذا اآلن؟» واإلجابة هي: طفح الكيل، خمسة وعشرون عامًا من الصبر على سياسات قطر املريبة واملشبوهة واملشينة في املنطقة، والعديد من األزمات التي كادت تنفجر أكثر من مرة لوال الرغبة الصادقة في رأب الصدع والحفاظ على تماسك البيت الخليجي. تعلم قطر تمامًا بأنها ليست قوة عظمى وال حتى دولة مؤثرة، بل هي دولة تقوم بتنفيذ أجندات خارجية للنيل من استقرار املنطقة، وليس أدل على ذلك من تصريحات مسؤوليها دومًا بأن وجود قاعدة العديد تحميها من أطماع الدول املجاورة، فيا ترى من املقصود بالدول املجاورة؟ هل هي اململكة التي صرحت قوال وبرهنت فعال منذ تأسيسها على عدم وجود أي نية لديها في التوسع خــارج حــدود أراضيها، أم أنها إيــران التي أحتلت ومـا زالــت الجزر اإلمـاراتـ­يـة وأعـلـن مسؤولوها خــالل الفترة املاضية بــأن طـهـران تحتل أربع عواصم عربية. ملاذا يعتقد املسؤولون في قطر دومًا أن هناك من يريد النيل منهم؟ ملاذا يبدو زعـمـاء قطر مذعورين خائفن على هـذا النحو؟ ومـا الــذي يدفعهم للخوف والقلق من جيرانهم؟ هل ألن قطر دولة متآمرة وبالتالي تخشى العقاب؟ ففي الـوقـت الــذي تفخر فيه قطر برفضها للتبعية للغرب تزهو بـوجـود قاعدة العديد داخــل أراضيها، وفـي الوقت الــذي تدعي أنها تدعم حماس من أجل تحرير األرض املحتلة نجدها من أوائل الدول التي فتحت ذراعيها إلسرائيل وفتحت مكتبا للتمثيل التجاري لها في الدوحة، بل قامت بتزويد إسرائيل باحتياجاته­ا من الغاز لعدة سـنـوات، فـأي تناقض صــارخ وسكيزوفرين­يا يعاني منها املسؤولون في قطر؟ مـن املـؤكـد أن اململكة بـل والـــدول العربية بأجمعها تريد الخير وكــل الخير للشعب القطري، وأن ما يحدث اآلن هو نتاج سياسة زعمائها وتآمرهم على دول املنطقة، إن ما يحدث اآلن هو جهد حثيث لــردع ساسة قطر للكف عن مؤامراتهم تجاه اململكة والدول العربية، وهو تعبير عن رفض اململكة للخروج على إجماع البيت الخليجي فيما يرونه أمنا قوميا ال يجب املساس به بأي صورة من الصور حتى لو بمجرد تصريح، وهو التفاف إقليمي يجسد حالة رفض عام لسياسات قطر املكروهة واملنفرة، وعلى قطر أن تدرك أن األمر في غاية الجدية وأن الصبر أوشك بالفعل على النفاد، وأن تعي أن التنازالت التي يتعن عليها القيام بها هذه املرة جذرية وجوهرية وعميقة، وأنه لم يعد من املمكن أو حتى من املستساغ غض الطرف عن أفعالها وسلوكياتها حتى تجر كامل املنطقة للدمار والفناء على يديها، أملنا أن تعي قطر فداحة أخطائها وأن تعود لـجـادة الـصـواب قبل فــوات األوان، حتى تعود دولــة قطر ويعود أشقاؤنا القطريون إلى بيتهم الخليجي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia