W UF « WÐUOM «

إن تــقــريــر الــعــدالــة وســـيـــادة الــقــانــون يـتـحـقـقـان مــن خالل تكامل وتناغم السلطات الـثـالث القضائية، والتشريعية، والتنفيذية، وتعد النيابة العامة اليوم ركنا أساسيا في منطوق املرفق القضائي كونها تحافﻆ على حقوق اإلنسان وتحمي كرامته وتحافﻆ على حرياته العامة باعتبارها الشعبة األهم من شعب السلطة القضائية. األمر امللكي الذي أصدره امللك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، يعتبر خطوة هامة، بل وتاريخية في سبيل تطوير البيﺌة التشريعية، وليس القضائية منها فحسب، وذلك ملا تحمله من أبعاد ومضامن غاية في األهمية، األول أنه ال يمكن االنعزال عن العالم تحت مسميات محلية كانت تهدف إلـى «التمايز» وال أقـول «التخالف» مع النظام التشريعي الدولي كما يرى الكثيرون، خصوصا أن اململكة أصبحت اليوم في مقدمة الركب وتقود العالم العربي واإلسالمي، والثاني هو ارتباطها بامللك مباشرة وهذا يشكل نقلة هامة في التموضع الهيكلي املناسب والطبيعي لها وبما يسمح لها باالستقالل التام، والتي هي سمة النيابات األخرى في العالم. امللك سلمان يدرك بطبيعة الحال بأن (النيابة العامة) كان هو املسمى األصلي لهذا املرفق في عهد امللك عبدالعزيز، وإن كــان البعض ال يـــدرك هــذه الحقيقة بعد أن انقطعت لﻸسف الشديد هذه التجربة الحقًا (مسمى ومضمونًا) إلى أن عادت لنا بعد عقود طويلة في ثوب هيﺌة عامة. عمومًا وبعد هذا التطور التاريخي فﺈن التحدي يكمن في أمرين: األول نـظـام الـنـيـابـة الـجـديـد الـــذي تـركـت مهمة مراجعته لهيﺌة الخبراء والذي سوف يشكل في نهاية املطاف مقاس الـحـزام الحقيقي لـلـدور الــذي ستقوم بـه النيابة، والثاني وهو األهم عمليات التأهيل للمحققن والعاملن بالنيابة ووفـــق أي مـنـهـج ومـرجـعـيـة ومـــدرســـة، خـصـوصـًا فــي ظل التعقيدات الـتـي اكتسبتها القضايا الـتـي تباشر الهيﺌة التحقيق فيها حاليًا كـالـرشـوة والـتـزويــر وغـسـل األموال واالعتداء على املال العام والرقابة على السجون وغيرها، وهــو مـا يتطلب انفتاحا على هــذه العلوم مـن مصادرها الحقيقية والــتــجــارب الــدولــيــة األخــــرى دون حساسيات، وإن كنت أثـمـن للهيﺌة أنها كانت مـن األجـهـزة الحكومية القليلة جدا التي كانت تخضع محققيها للقياس في مركز «قياس» الوطني، وهي خطوة متقدمة جدا تحسب لها دون غيرها من الجهات الحكومية األخرى.