اإلخوجنية و«جتهيل» املجتمع
يعتبر كـتـاب «جـاهـلـيـة الــقــرن الـعـشـريـن» لسيد قـطـب من الكتب املؤسسة لفكر جماعة اإلخــوان املسلمني والالعبة دورا كــبــيــرا فــي نــشــره وتــرويــجــه، ولــعــل ذلـــك يــعــود إلى أنـــه الــكــتــاب الـــذي يــحــدد منهجية اإلخــــوان املـسـلـمـني في توزيع دائرة أتباعهم وإقناع املجتمع بنهجهم ورؤيتهم، فـــالـــكـــتـــاب، كـــمـــا يــكــشــف عـــنـــوانـــه، يـــدفـــع بـــاتـــجـــاه نسبة املجتمعات اإلسالمية للجاهلية بما تحمله هـذه النسبة من جاهلية تمثل النقيض لإلسالم وجاهلية تمثل فساد الخلق وسوء األدب. «تجهيل املجتمع» ومـا يستتبعه ذلـك من نسبته للفساد واملروق على مقتضيات الشرع والخروج عن الدين السليم كـانـت هـي الـخـطـوات األولـــى لــإلخــوان املسلمني، وتبعهم في ذلك خطباء الصحوة لدينا، وهي خطوات تهدف إلى زعزعة ثقة املجتمع في نفسه، وتشككه في دينه وريبته في مسلكه، منهج ال يسعى إلى شيء بقدر ما يسعى إلى «شيطنة» املجتمع كي يتحقق لهم من خالل ذلك أمران: األمر األول، إشعار املجتمع أنه بحاجة إلى منقذ يخرجه مـن املـــأزق الــذي هـو فـيـه، الحاجة إلــى مصلح يهديه إلى الطريق السليم، وال يتوقف إنقاذ املجتمع عند حد إصالحه وإنما بتخليصه من الذين أوصلوه إلى هذه الدرجة من الفساد و«الجاهلية»، وبهذه الطريقة يتحقق فصم العالقة الـتـي تـربـط املجتمعات بقياداتها وعلمائها ومثقفيها ومناهجها، فهي كما تصورها كتب اإلخوان والصحويني فاسدة جاهلة تسببت في فساد املجتمع وجهله. األمــــر الــثــانــي: تــقــديــم قــــادة وخــطــبــاء و«عــلــمــاء» جماعة اإلخـــوان وكــذلــك الـصـحـوة أنفسهم باعتبارهم القادرين على إنـقـاذ املجتمع مما انتهى إليه وهــم الــقــادرون على إخراجه من مأزقه وإرشاده إلى سواء السبيل. وبهاتني الخطوتني، تجهيل املجتمع والعمل على إنقاذه يحفر الفكر اإلخواني والصحوي مجراه في قلب املجتمع بـعـد أن يــكــون قــد نــخــره بتشكيكه فــي نـفـسـه ونـــزع ثقته بقدراته ومقدراته.