Okaz

إلغاء هيئة التحقيق.. هل العزاء في النيابة؟

-

لم أفهم قط ملاذا تكون هيئة التحقيق واالدعاء العام تحت مظلة وزارة الداخلية؟ فأقسام الشرطة التي تحيل إليها القضايا تحت ذات املظلة، وكــان املحققون فـي أقـسـام الشرطة يقومون بنفس الــدور على مدى سنوات طويلة! فلماذا تكون هيئة في املقام األول وهي ال تراعى شرط االستقالل كحد أدنــى؟ وربـمـا كتبت مــرارا عـن عـواقـب هــذا االرتباط الغريب، وكــان آخرها مقاال نشر في عكاظ بعنوان «املــرور السري.. الكاميرا متى؟»، وجاء في جسد املقال ما يلي: «ومـــع جـهـل املــاليــ­ن مــن شبابنا بــالــقــ­رار املـفـضـي إلــى تطبيق أكثر العقوبات صرامة بحق من يبدي مالحظة أو اعتراضا على املخالفة املــروريـ­ـة وطبيعتها، وبـالـتـال­ـي يـدخـل فــي نـقـاش انفعالي مــع رجل املرور، دون إدراك من الشباب أن العقوبة تصل إلى اإلحالة إلى املحكمة الجزائية من خالل هيئة التحقيق واالدعاء العام التي تعترف أن رجل األمــن مصدق في كل ما يرفعه في تقريره ضد هـذا الشاب املخالف أو ذاك، ويــؤدي كـل هــذا إلــى تطبيق مــدة مـحـددة مـن الحبس (تمتد إلى 6 شهور)، وربما ينقطع بسببها الطالب عن دراسته ويدخل في منعطف ال تحمد عقباه بسبب قضية مرورية بسيطة». مـــن هــنــا، تـكـتـشـف أن هــيــئــة الـتـحـقـي­ـق الــتــى ألــغــيــ­ت لـــم تــكــن قائمة بمهمتها األصلية في املقام األول، فهي غير قادرة على التجرد، بحكم انضوائها تحت مظلة وزارة الداخلية، كما أنها عجزت عـن تقديم أبسط إجـراءات التطوير املأمولة ومنها تثبيت محققن مدنين في األقسام ملباشرة القضايا املستعجلة، ولم ترخص رسميا للمحامن بـالـتـواج­ـد فــي مــراكــز الـشـرطـة والــدفــا­ع عــن موكليهم خـصـوصـا من صغار السن وأولئك الذين تخلو سجالتهم من الجنايات. ويـأتـي الـيـوم قــرار خــادم الحرمن الشريفن بإلغاء هيئة التحقيق واالدعــــ­اء الــعــام، إلــى جـانـب إعــفــاء رئيسها الـسـابـق مترجما بشكل أبــوي لـنـداءات أصــوات أبنائه من كافة أطياف الشعب، والتي تصل إلـيـنـا كـإعـالمـي­ـن مــن خــالل رســائــل تكتبها أمــهــات مـكـلـومـا­ت وآباء محزونون على فلذات أكبادهم، بسبب عجز هيئة التحقيق السابقة بـل وإسهامها املباشر فـي اإلضـــرار بعدد ال يستهان بـه مـن الشباب الذين أوقفوا طويال في قضايا كان يمكن البت فيها في غضون أيام قليلة. وبمناسبة تفعيل هذا القرار األبوي واإلداري املهم بفضل قرار خادم البيتن، أتطلع إلى االلتفات إلى نواب الرئيس السابق ورؤساء هيئات التحقيق الفرعية، فبقاء هؤالء في مقاعد قيادية يترك شيئا من اإلرث السلبي جاثما على أنفاس املؤسسة الشابة التي انتظرناها طويال، وهي «النيابة العامة» املرتبطة مباشرة باملقام السامي الكريم. كما أدون رجـاء ومناداة بأهمية تغذية النيابة العامة بمحققن ونواب عــمــوم مــن الــشــبــ­اب املــؤهــل­ــن والــحــاص­ــلــن عــلــى درجــــات عـلـمـيـة في القانون، فاملالحظ في الهيئة السابقة هو سطوة النزعة التشريعية املبتعدة عن روح القانون وتفهمه لعمق الظروف اإلنسانية ومراعاة املصلحة العامة، وهذا أمر ال مساومة عليه، بل يأتي في صلب تطوير الــنــظــ­ام الـنـيـابـ­ي والــقــان­ــونــي بـشـكـل عـــام كـمـا هــو الــحــال فــي الدول املتقدمة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia