محّمد بن سلمان ولًيا للعهد.. دالئل وإشارات

ما فتئت اململكة العربية السعودية، بقيادتها الحكيمة، تقدم النموذج واملثال في كل ما تقوم به من تسيير دوالب الحكم بكل سالسة ويسر، متوخية في ذلك انتخاب أصلب العناصر وأكثرها قــدرة، وأقدرها على إنجاز املهام املوكلة إليها، في منظومة الحكم، على اختالف مراحله، وما تقتضيه كل مرحلة من املراحل، مع تفعيل دور الرقابة واملحاسبة للعناصر املختارة لتحقيق الغاية الكبرى املتمثلة في رفاهية الوطن و املواطن، وتوفير حياة كريمة له تحت مظلة من األمن والسالم والطمأنينية، وعلى هذه الفرضيات األساسية درجت القيادة منذ املؤسس على إحداث التغيير بني الفينة واألخرى، باإلحالل واالستبدال، بديناميكية تعبر عن تفعيل ملا أشرت إليه، ليبقى هذا التغيير عنصرا إيجابيا ومهما يشير بوضوح إلى قدرة القيادة على الــقــراءة البصيرة ملتطلبات املـرحـلـة، ســواء على املستوى الـداخـلـي أو الخارجي، خصوصا أننا نعيش في زمن يمور بالفنت الدواهي، والصراعات الكبيرة، بما يتطلب وعيا وإدراكـــا للواقع، وقــراءة مستبصرة للمستقبل، وهو عني ما أدركته القيادة الرشيدة بقيادة خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله -، حيث أفسحت املجال أمــام العناصر الشابة والتي تكون غالبية النسيج االجتماعي للمجتمع لتولي املسؤولية، وتسنم مقود القيادة، واعية في ذلك للمتغيرات الكبيرة التي اجتاحت العالم، وفرضت ضرورة تغيير أنماط التفكير القديمة، وأساليب اإلدارة السابقة، فكان الشباب العنصر الرائد في سياسة اململكة في حاضرها، ليأتي الفكر الشبابي املستنير والواعي في شخص صاحب السمو امللكي األمير محمد بن سلمان، بما طرحه من رؤية اململكة ،2030 تلك الرؤية التي كشفت عن عقل راجح، وفكر مستنير، وبصيرة ال تدير السياسة بمنطوق ردة الفعل، ولكن بمفهوم إحداث الفعل نفسه، وعلى هذا فإن القرار السامي بتعيني األمير محمد بن سلمان وليا للعهد، قـرار استكمل شـروط الحكمة من كل جوانبه، وضرب مثال ونموذجا في معرفة القائد بمواهب وقدرات عناصره الفاعلة واملؤثرة.. فالذي ال خالف حوله أن األمير محمد بن سلمان، قدم نفسه للساحة املحلية وكذلك العاملية على نحو مميز، وبطريقة لفتت األنظار إليه، بخاصة فيما طرحه في رؤية اململكة ،2030 وما تبعها من فتح ملسارات االقتصاد السعودي وفك االرتباط الوثيق بالبترول، وتحريك رأس املال السعودي للدخول في شراكات اقتصادية عاملية لها وزنها وثقلها على مستوى التجارة واالقتصاد العامليني، فضال عن توثيق العالقات مع الدول الكبرى على قاعدة املصالح املشتركة، مع تفجير الطاقات الشبابية، وإعطاء املرأة مركزا متقدما، وتحريك مفاصل املجتمع بأجمعه بحيث يصبح فاعال ومتفاعال بالحركة والنشاط التي تنتظم الدولة في كل أنشطتها وحركتها الدؤوبة، واألهم أن الوطن دخل في دور املحاسبة ومراقبة املسؤول وفك االرتباط بني ما هو خاص وملك عام، فال غرو إذا أن يتسنم منصب ولي العهد، فهو على جدارة واستحقاق بهذا املنصب، وما قدمه ويقدمه حاليا يقف شفعيا له، وسندا له في مستقبله. إن السالسة واالنسيابية التي تمت به عملية تعيني والية العهد، تحمل في طيها رسائل عديدة للداخل أوال ومع الخارج من بعد، فعلى املستوى الداخلي جاء التدافع العفوي إلعالن البيعة لألمير محمد بن سلمان ليؤكد تماسك الجبهة الداخلية، وتفويتا لفرص تسريب املؤمرات بخاصة من جهات إعالمية نعرفها جيدا، وندرك أساليبها الخبيثة التي ما إن يحدث مثل هذا التعيني الطبيعي إال وتذهب إلى نسج الحكايات، وتأليف القصص، وفتح املجال لـ«الحناجر» التي تسيطر على مخارجها «نظرية املؤامرة»، فتشرق وتغرب، وترسم صورة ال أساس لها من الصحة، ليأتي هذا التدافع العفوي الجميل ليقطع هذه األلسن املأفونة، ويفوت عليها فرصة نثر بذور الفتنة واالضطربات، وبخاصة أن هذه البيعة في نصوعها وكمال أسباب التوافق واملوافقة عليها قد جاءت من القيادات الكبيرة، فشاهدنا أن صاحب السمو امللكي األمير محمد بن نايف، قد سارع إلى إعالن بيعته قبل أن يستيقظ أصحاب «الظنون» و«الـهـواجـس» حارقًا كل الترهات التي ما فتئت تتنبأ باشتعال نيران الصراع على السلطة والحكم، موئدًا أحالم فتنة تراود أعداء الوطن ليقول لهم أنها أضغاث أحالم. أمـا على املستوى الخارجي، فـإن هـذا التعيني يبعث رسالة واضحة بـأن اململكة ماضية في تمكني الشباب، ومستقبلة العالم بفكر جديد، وروح متوثبة، وقودها الطاقات الشبابية، ومرتكزها حكمة الـشـيـوخ، فـي تـواصـل وانـسـجـام تـامـني، لتبقى اململكة بـهـذه الــرؤيــة حافظة لعالقتها الـدولـيـة وفق املصالح املشتركة، وماضية مع الدول الصديقة والشقيقة في تمتني أوصار املحبة، وتحقيق السالم واألمـن للعالم، متحدة مع العالم أجمع في نبذ اإلرهـاب، وتجفيف منابعه، ومحاربة الـدول الراعية ملحاضنه. إننا إذ نبايع األمير محمد بن سلمان، وليا للعهد، بيعة صدق وشرف، فإننا ال ننسى في املقابل أن نزجي أسمى آيات الشكر والعرفان لألمير محمد بن نايف، الذي أبلى بالء حسنا في قمع اإلرهاب، ومحاربة الفكر املنحرف والتطرف والغلو، وقدمت وزارة الداخلية في عهده النموذج األمثل في ذلك، حتى غدت تجربة اململكة في محاربة اإلرهاب والتطرف املثال الذي تحتذيه كثير من الدول من حولنا، فهي كلمة صدق في حق رجل نكن له كل الحب و االحترام والتقدير، ونجدد الوالء والبيعة لقيادتنا الرشيدة وهي تمضي بسفينتنا إلى بر األمان في عالم تموج وتضطرب به أمواج الفنت والصراعات، وعشت يا وطن.