زكاة الفطر نقدا.. جدل وخالف يتجددان كل عام !
فــي كــل عــام يكثر الــســؤال عــن حـكـم إخراج زكــاة الفطر نقدا بـدال عن الطعام، في حن يذهب سائلون آخرون إلى السؤال عن حكم توكيل الجمعيات الخيرية إلخــراج الزكاة عن املزكن وإيصالها إلـى الفقراء بـدال من الطرق التقليدية التي اعتاد الناس عليها في شراء أكياس األرز وإيصالها إلى منازل املـسـتـحـقـن، إال أن أكــثــر الـقـضـايـا إلحاحا وإثــــــارة لــأسـئـلـة هــي إخـــــراج الــنــقــود بدال عن الطعام، وفي ذات الوقت يبرز اختالف واضـــح بــن الـعـلـمـاء مــا بــن مـجـيـز ومانع على اإلطالق ومجيز بشروط معينة.
ال يجوز نقدا
ويـرى مفتي عـام اململكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية واإلفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن إخراج زكاة الفطر نقدا ال يجوز لعدم ورود حـديـث عـن الــرســول صلى الـلـه عليه وسلم يــجــيــز ذلـــــك، كــمــا لـــم يــعــمــل بــذلــك خلفاؤه الـراشـدون من بعده رغـم توافر األمــوال في أيديهم زمن الفتوحات اإلسالمية. كـمـا يـقـف عـضـو هيئة كـبـار الـعـلـمـاء الشيخ الـدكـتـور صـالـح بـن فـــوزان الــفــوزان فـي صف عدم الجواز املطلق إلخـراج زكاة الفطر نقدا، وقـــــال: «صــدقــة الــفــطــر بـيـنـهـا الـــرســـول عليه الـصـالة والــســالم بيانا واضــحــا، وهــي صاع من بر أو شعير أو تمر أو زبيب أو إقـط، ألن هذه األطعمة التي كانت موجودة على عهد الرسول عند البادية والحاضرة، فإذا جاءت أطعمة أخــرى تحل محلها تخرج منها، ألن في الحديث صاع من طعام، وهو طعام البلد، أما النقود فالنبي لم يأمر بها مع أنها كانت مـــوجـــودة فـــي عـــهـــده، ملــــاذا عـــدل عـنـهـا وأمر بصاع من طعام؟، فنحن نتقيد بما جاء في الحديث وال علينا ممن قال أو أفتى بغير ذلك ما دام مخالفا لنص حديث الرسول».
يجوز نقدا
أما املشرف العام على فرع الرئاسة العامة لــلــبــحــوث الــعــلــمــيــة واإلفــــتــــاء فـــي منطقة الـقـصـيـم الــشــيــخ الــدكــتــور خــالــد املصلح فيرى جواز إخراجها نقدا للمصلحة، رغم أن األصل فيها إخراجها طعاما لأحاديث الواردة في هذا الشأن. وبن أن هناك ثالثة أقوال في هذه املسألة؛ أحدها عدم الجواز، وهو رأي أئمة املذاهب املشهورة ما عدا األحناف، والثاني جواز إخراجها نقدا، وهو رأي األحناف ووجه في مذهب الشافعي ورواية في مذهب ابن حنبل، والقول الثالث جواز إخراجها نقدا لــلــحــاجــة واملــصــلــحــة، ومـــن ذلـــك حصول مصلحة إغناء الفقير بالنقود يكون أبلغ.
ال إشكال فيه
مــن جـانـبـه، أكــد أســتــاذ الـفـقـه املــقــارن في املــعــهــد الــعــالــي لــلــقــضــاء الــدكــتــور هشام بــن عبدامللك آل الشيخ أن إخـــراج القيمة باألوراق النقدية املتداولة حاليا في زكاة الفطر بما يساوي قيمة الصاع جائز وال إشكال فيه. وأوضـح أن إخـراج القيمة في زكاة الفطر مذهب قديم للسلف، خصوصا أنــــــه لــــم يــــــرد نــــص صــحــيــح صــــريــــح في تحريم دفــع القيمة، والـنـصـوص الواردة فـــي أصـــنـــاف مـعـيـنـة ال تــفــيــد تــحــريــم ما عداها، بل رأى كثير من الصحابة في عهد معاوية بن أبي سفيان أن نصف صاع من سمراء الشام يعادل قيمة الصاع من التمر أو الشعير، وهو ما حمل عليه كتاب عمر بن عبدالعزيز رحمه الله.