فوق وحتت ونائم!

كان الناس إذا الحظوا شخصا يقوم بتصرفات سخيفة أو يطلق عبارات سمجة، يفسرون ما يصدر منه بأنه محروم من الذوق الرفيع وأن سبب حرمانه من الذوق أنه لم يحضر عملية القسمة التي وزع خاللها الــذوق على من حضرها، أمــا هـو فلم ينله نصيب منها ولـذلـك فإنهم يـقـولـون عنه وعن أمثاله: «عندما وزع الذوق كان األخ فوق»؛ أي أنه غير موجود في املوقع الـذي جرت فيه عملية التوزيع، لذلك ال غرابة أن يأتي بأفعال وأقوال تنم عن قلة ذوق، وربما قالوا ذلـــك لـقـفـل املــوضــوع وتـيـئـيـس مــن يــحــاول إصـــالح أحوال قليل الذوق من إمكانية تعديل سلوكه وتحسني تصرفاته وضبط أقـوالـه، ألن حرمانه من الــذوق الرفيع يجعله غير قابل لإلصالح البتة!. كما أن الناس كانوا إذا وجدوا شخصًا عاثر الحظ في جميع أمــور حياته املـاديـة واملعنوية فال يقدم على أمـر إال يكون الفشل حليفه والتعثر صاحبه وتذهب كل اجتهاداته هباء منثورًا ألنه «إذا لم يكن عون من الله للفتى.. فأول ما يجني عليه اجتهاده» فهو ال يغنم من تلك االجتهادات شيئا، بل إنه يغرم منها ألنها تدخله في أتون الديون ثم العجز عن السداد واالضطرار إلى التهرب من الدائنني أو تقديم وعود لهم بأنه سيفي بحقوقهم عندما تتحسن أحواله وتنجح مشاريعه وأعــمــالــه، ولـكـن شيئا مــن ذلــك ال يتحقق فيبلغ اليأس منه مبلغه ويــراه من حوله على تلك الحالة فيقول واحـد منهم: «عندما وزع البخت كان األخ تحت» والبخت هو بمعنى الحظ باللهجة املصرية والحجازية أيضًا!. أما ثالثة األثافي فهو أن توزع على الناس الغنائم من مال أو أراٍض أو مزايا وظيفية أو جوائز ومكافآت، فيحصل عليها من أسعده الحظ وكان حاضرًا لعملية التوزيع وشارك فيها واجتهد في الحصول على غنيمة من الغنائم، في الوقت الذي يكون فيه شخص ما يغط في نوم عميق ال يعلم شيئا عـمـا يـحـصـل مــن تـجـمـع وتــوزيــع لـلـمـنـافـع والــغــنــائــم على الذين هجروا النوم وجــاؤوا إلـى املوقع مبكرين وشاركوا وتواصلوا وقـدمـوا أنفسهم وكشفوا عن مواهبهم فنالهم نصيب من الغنائم والجوائز، فإذا فاتت املناسبة وانصرف كل فائز بما حصل عليه من مزايا وغنائم وسأل النائم عن سبب عـدم شموله بـأي شـيء من الغنائم كـان الـجـواب هو: ألنك متغطي ونائم! والفائدة املرجوة من ذكر ما سبق أن يعرف كل واحد منا أن بإمكانه إيجاد األعذار واملبررات، نافيًا عن نفسه أي تقصير أو إهمال ولكن ذلك لن يفيده في شيء أبدا!.