bNF « w Ë v ≈ W UÝ—
التقيت في أول أيـام العيد بأحد أهم الشخصيات املصرفية في الشرق األوســط، وهو أمريكي عربي ويــحــمــل جـنـسـيـتـني ومــطــلــع جــــدا بــحــكــم منصبه الــحــســاس عـلـى شـــؤون املـنـطـقـة الـسـيـاسـيـة واالقــتــصــاديــة. وبدأ حديثه معي بالتهنئة على الـتـطـورات السياسية األخـيـرة التي حصلت في السعودية، وأضاف قائال بما أنك من أكبر املتحمسني لسياسات األمير محمد بن سلمان ما الذي من املمكن أن تقول له اﻵن بعد أن وصـل إلـى املنصب الجديد؟ قلت له إن أول البشائر عـلـى مـسـتـوى الـتـغـيـيـر املــتــوقــع الــقــادم هــو أن األســــرة الحاكمة نفسها قــررت أن تغير أسـلـوب إدارة الـبـالد وتسليم دفــة األمور لجيل جــديــد، مــا يعني أن فلسفة الـحـكـم نفسها فــي السعودية تتغير وتتطور؛ ألن األوضاع والظروف نفسها تغيرت وتبدلت، وبــالــتــالــي حــصــل الــتــوجــه الــجــديــد. فــكــرت جـلـيـا فــي كــالمــي مع صديقي املصرفي الكبير، وعن الرسالة التي من املمكن أن توجه لـﻸمـيـر مـحـمـد بــن سـلـمـان الــيــوم. الــتــحــديــات كـبـيـرة جـــدا ولكن الـفـرص أكـبـر وبـقـدر التحديات تـكـون إمكانيات التغيير، وهذا بحد ذاته ليس ضارا. ولكن ما يمكن الوثوق فيه أن الرجل مطلع عـلـى مـعـظـم الــتــحــديــات وبـشـكـل مـعـمـق ومــوثــق، ولــكــن التحدي األهـم أمامه هو تحويل السعودية من بلد إلـى وطـن، واملقصود هنا تعزيز قيمة املواطنة بالقانون، وحماية املواطنني من أوجه التمييز والتفرقة والعنصرية والطائفية واملناطقية، وهي أمراض استشرت بشكل مهووس ومجنون وباتت تهدد النسيج الوطني، وهــو مــا تلعب عليه األطــــراف الـخـارجـيـة دائــمــا، فـهـي لــو تركت بـال رادع وال عقاب كما هـو الـحـال اﻵن ستكون سرطانا مدمرا. وطن يحس الجميع فيه باالنتماء وضمان حقوقهم والنظر فقط فــي كـفـاءاتـهـم لتقييمهم فــي الــفــرص املـتـاحـة دون أي اعتبارات أخــرى. موضوع آخـر هو نقل مركز السعودية في أذهــان العالم عموما والعالم اإلسالمي منه تحديدا لتكون قبلة كافة املسلمني السياسية والفكرية وليس قبلة بعضهم، وأن ينعكس هذا األمر على الخطاب الديني والتعليمي والسياسي للبالد، كموقعها الجغرافي، وريادتها اإلسالمية واحتضانها للحرمني الشريفني يقتضيان ذلـك، فهذا قدرها امللزم. الخصوصية السعودية التي كــانــت ذات يـــوم ذريــعــة للتقوقع واالنـــعـــزال عــن مــوكــب الحداثة واإلصالح والتطوير لم يعد من املمكن القبول بها، وعليه بالتالي التعريف الجديد ملفهوم الخصوصية السعودية، يجب أن يكون هو خصوصية الفرصة الذهبية لبالد لديها ثروة نفطية وثروة من جيل الشباب ولحظة صناعة املستقبل الستغالل ذلك ومنح الــفــرص وتهيئة كــل الــظــروف الحقيقية والــعــادلــة لتمكني ذلك. إعطاء املرأة حقها بالكامل في الفرص والتوظيف لتكون عنصرا فعاال في املجتمع بال عائق يمنع وصولها إلى منصب الوزيرة أو السفيرة فهناك العشرات من الفتاوى املؤيدة لذلك األمر من حول العالم اإلسالمي. الفساد مسألة البد من عالجها وهذا لن يحصل إال بــوجــود عـقـوبـات ومـحـاكـمـات بحق املخطئني، لتكون رادعا ومانعا للهدر في وقت لم يعد من املمكن املغامرة وال املجاملة. ومـجـددا يبقى األمــل فـي االعتماد على أهــل الكفاءة وليس أهل الثقة، ألن الفئة الثانية كلفتنا الكثير عبر السنوات ولم يعد هناك مجال للمجاملة على حساب املستقبل. ما يطمئن هو أن محمد بـن سلمان يعلم الكثير مـن التحديات، وأحــدث نقالت فـي فترة قصيرة كانت من املمكن أن تحتاج عقودا من الوقت إلنجازها، ولــذلــك األمـــل فــي تحقيق املـطـلـوب يبقى ممكنا. الـسـعـوديـة بلد طموح ويستحق أن يعيش أبناؤه بقدر هذا الطموح حياة كريمة يشعر فيها الجميع باملساواة واألمل.