األذان في مالطا
صحفنا الورقية واإللكترونية تحفل ضمن ما تنشره يوميا بمقاالت مئات الكتاب الـذيـن تحمل أعمدتهم موضوعات متنوعة، إذا ما استثنينا الغث منها والتي تعتبر عبئا ثقيال على تلك الصحف وهدرا للورق والحبر واملساحات املتاحة على الشبكة العنكبوتية، ألنها وببساطة شديدة ليست أكثر من حشو لكلمات ال تسمن وال تغني من جوع، لو استثنينا تلك املقاالت «الهشة»، فإننا سنجد أن هناك مقاالت تعكس هموم املواطن ومالحظاته وأمنياته واقتراحاته حول العديد مــن املــمــارســات واألحــــداث الـتـي يعيشها مجتمعه ووطنه، بــاإلضــافــة إلـــى الـنـقـد والــتــنــاول الــرصــن املــطــلــوب لبعض املشروعات واألنظمة واللوائح والتعليمات التي تصدرها مــرافـــق الـــدولـــة ومــؤســســات الــقــطــاع الــخـــاص ذات العالقة بالحياة اليومية للناس، تلك املقاالت جهد فكري ومعاناة يومية وأسـبـوعـيـة يعيشها الـكـاتـب ويتمنى أن يـكـون لها صدى أو ردة فعل ممن توجه إليه، أو تكتب من أجل الرد من الجهة املعنية، سواء كانت إدارة أو وزارة أو مسؤوال له عالقة مباشرة بموضوع املـقـال، وذلــك بإيضاح الحقيقة، أو نفي املعلومة التي تحدثت عنها كلمات الكاتب أو تصحيحها، وبعض املقاالت حقيقة تحتوي على نقاش علمي ومنطقي اجـتـهـد الــكــاتــب فــي طــرحــه، وبـعـضـهـا يـضـم أفــكــارا خالقة وجـــديـــدة ومــهــمــة، كـتـبـهـا مـتـخـصـصـون أو مــتــمــرســون في الشأن االقتصادي أو االجتماعي أو التربوي من أجل تطوير األداء، وتحسن العمل، وتحقيق اإلنجاز الذي ينشده الوطن واملــواطــن عـلـى حــد ســـواء. هــذا الـجـهـد الـــذي يـبـذلـه الكتاب الجادون، وهم في نظري جزء مكمل وضروري في منظومة التخطيط والتطوير لكل مجاالت الحياة التي تشترك فيها الدولة ممثلة في وزاراتها وهيئاتها ومؤسساتها والقطاع الخاص بمجموعاته وشركاته، وألنهم كذلك فإني أتوقع وال أزعم بأن كل املكونات داخل الوطن وبدون استثناء تأخذ ما يكتب على محمل الجد، وتصنفه كمشاركة وطنية شعبية في العديد من الخطط التنموية لكافة املـجـاالت، وتعتبره مساهمة فاعلة فـي الــدراســات والـتـوجـهـات املعنية باألداء وتطويره، فهل هذا الواقع؟ وهل هذا هو ما تفعله كل الجهات الحكومية والـخـاصـة؟ أم أن حــال كوكبة الكتاب الجادين، كمن «يــؤذن في مالطا» أو كمن «ينفخ في قربة مخروقة»، أي كما نقول في عاميتنا «ما عندك أحد». أتمنى أن ال يكون هذا هو الواقع، على األقل احتراما لجهد املخلصن.