تنظيم احلمدين.. وغلطة املخلوع صالح !
فــــــي تــــــصــــــوري أن هـــــنـــــاك عـــــــدة قــــواســــم مشتركة تجمع مـا بـني تنظيم الحمدين بـن خليفة وبــن جاسم والرئيس اليمني املخلوع علي عبدالله صالح، فرغم كونهما، أي التنظيم واملخلوع، مختلفني اختالف املصالح ال املبادئ إال أنهما، أي التنظيم واملخلوع، اتفقا دائمًا على إيــذاء السعودية بشتى الــطــرق، ومـحـاولـة زعـزعـة أمنها واسـتـنـزافـهـا في حروب ومعارك مع الحوثيني وغيرهم من الخصوم الذين يـتـبـدلـون عـنـدهـم ويـبـقـى الــثــابــت هــو الــعــداء املستحكم لــلــســعــوديــة والــخــلــيــج!، واملــشــتــرك األكـــبـــر فـــي نــظــري أن تنظيم الحمدين واملخلوع صالح بغبائهما ارتكبا غلطة الـعـمـر وهــي عــدم تـقـديـر «حــجــم الــقــوة الــســعــوديــة» على كل األصعدة، التقدير الـذي يعرف الحدود الفاصلة بني السعودية الصبورة.. والسعودية الجريئة التي ال تهاب!، وهــذه الغلطة جــرت عليهم وستجر ويــالت ومصائب ال قبل لهم بها.. لذا وبنفس الشكل واملضمون تقريبًا لعب التنظيم واملـخـلـوع على «التكتيك» كالثعالب ولكنهما لسوء حظهما لم يحسبا «لإلستراتيجية» حساباتها..!. طــــوال عــقــود عــمــال عــلــى خــلــق أزمـــــات تـكـتـيـكـيـة ملكايدة الــريــاض، الـتـي ظـلـت تــمــارس دور الـسـعـوديـة الصبورة بدبلوماسيتها الهادئة القائمة على االحتواء قدر اإلمكان، ولكن مشكلة من يعمل على خلق األزمـات التكتيكية في السياسة أنـه قد يخدع نفسه ويجترئ على الـدخـول في لعبة خلق األزمـــات الفاصلة الـــتـــي تــمــس اإلستراتيجية األســـاســـيـــة لــعــاصــمــة ثقيلة مــــثــــل الـــــــــريـــــــــاض!، لـــــذلـــــك لم يتوقعا ردة الفعل السعودية الــعــاصــفــة.. فـوقـفـا مذهولني وكأنهما أمام سعودية أخرى لــم يـجـربـاهـا مــن قــبــل!. يقول كيسنجر إنه «في األزمات الفاصلة يكون األكثر جرأة هو األكثر أمانًا في أغلب األحيان»، والدولة السعودية الثالثة منذ تأسيسها وعلى رغم أنها تبدو هادئة صبورة إال أن التاريخ الحديث يعلمنا مرات عديدة أنها جريئة عاصفة إذا مــا شــعــرت أنــهــا أمــــام أزمــــات فـاصـلـة تـتـعـرض فيها إستراتيجيتها وثوابتها األمنية والسياسية للتهديد!. تــنــظــيــم الــحــمــديــن وكـــمـــا ذكـــــرا فـــي تــســجــيــالت القذافي شعرا بالذل أمام السعودية، وتصورا أن قاعدة أمريكية ستجعل منهما إمبراطورية عظمى، واعترفا بالضغط الـسـعـودي على أمريكا وأنهما استخدما عالقتهما مع إســرائــيــل لتخفيف الـضـغـط الــســعــودي عـلـى األمريكان، وأنهما يعمالن على تفتيت السعودية، ثم أوقــدا جذوة الــــربــــيــــع الــــعــــربــــي املـــــشـــــؤوم، وجــــمــــعــــا الـــــضـــــد ونقيضه بهدف زعزعة وهــدم استقرار الـــــســـــعـــــوديـــــة وشقيقاتها اإلمارات والبحرين ومصر. وبــــاءت محاولتهما بالفشل ثم خلعا نفسيهما خشية من غــضــب الـــــريـــــاض!، ولكنهما ارتــكــبــا الــخــطــأ األكــبــر فــتــصــورا أن الــســعــوديــة ستصبر عليهما أو ستمنحهما 20 سنة أخــرى.. فوجها «تميم» من وراء ستار ملا قد بدآه واستثمرا فيه، فكان رد الرياض هــــذه املـــــرة عــاصــفــًا وغـــيـــر مــتــوقــع لــهــمــا، لــيــس إلفشال مـخـطـطـاتـهـمـا كــمــا حــــدث ســابــقــًا ولــــن يــنــفــع فــيــه «حب الـخـشـوم» عـلـى الـطـريـقـة الخليجية بــل السـتـئـصـال هذا الورم السرطاني وتوابعه إلى حيث ال رجعة أبدًا، فسقطت الدوحة في دوامة سياسية لن تخرج منها كما كانت من قبل! وكـذلـك املخلوع صالح مــارس نفس الــدور القطري تجاه السعودية ولكن بطريقة أخــرى، ومنذ استوعبته السعودية وصـبـرت عليه كثيرًا منذ نهاية السبعينات مـــرورًا بــاالحــتــالل الــعــراقــي للكويت وتـهـديـد السعودية وصنع مشكلة الحوثيني غير مرة على الحدود السعودية كانت إستراتيجية الرياض الحفاظ على اليمن مستقرًا ومزدهرًا اقتصاديًا.. فشل صالح في االثنتني! وتحملت أزماته وأالعيبه ما دامت وفق قياسات التكتيك ال خطوط اإلستراتيجية ثم أنقذته بعد احتراقه وزرعت جلد وجهه، ومــن بـعـد ذلــك حفظت فـيـه مــا تبقى مــن مـــاء! وأمــنــت له الـــخـــروج األخــيــر مــن الـسـلـطـة تحقيقًا إلستراتيجيتها الـقـائـمـة عـلـى إنــقــاذ الـــجـــارة الـيـمـن مــن احـــتـــراب الربيع الـعـربـي املــشــؤوم، ولـكـنـه انــخــدع وخـــدع نفسه ونـكـث ما تعهد به وأراد أن يحكم من وراء ستار فتحالف مع إيران وزرع الحوثيني مرة أخرى ثم جاء يركض للرياض قائال أنا لها! كان الرد عاصفًا ولم يتوقعه املخلوع أبدًا مثلما لم يتوقع تنظيم الحمدين ذلك أيضًا فزمن األالعيب ولى، والـــريـــاض قــد تـصـبـر تكتيكيًا ولـكـنـهـا إذا مــا تعرضت مصالحها اإلستراتيجية وأمنها الوطني للخطر تصل إلــى حــدود غير متوقعة وبسرعة وتوقيت لـن يستطيع املخلوع وتنظيم الحمدين استيعابهما!.