أغلقنا الباب على الثعبان الصغير وانصرفنا ألعمالنا

قريبا لـن تعود قطر وال النظام القطري جــزءا رئيسًا فـي األخـبـار وال األحداث اليومية وسيتم املرور على أخبارها وتطورات وضعها مرورا عـابـرا، لقد قمنا بـاإلجـراء األمـثـل؛ أغلقنا الباب على الثعبان الصغير وقطعنا عنه حدودنا وممراتنا وأجواءنا وجعلناه يتلوى داخل وكره وانصرفنا إلى أعمالنا وحياتنا. لـم يــأت ذلــك صدفة وال فجأة وأكـثـر مـن يــدرك ذلــك هـو النظام القطري نـفـسـه؛ ســنــوات مــن األذى واملــراهــقــة السياسية تحملتها دول املنطقة وحرصت فيها على إيجاد أي مخرج لتخليص الجار من طيشه وعقده ولعبه باملال وامليليشيات والتآمر مع أعداء وخصوم املنطقة، لكن شيئا من ذلك لم يتحقق، استمر النظام وبكثير من البدائية والسطحية على مستوى التخطيط واألهـداف واملضاربات السياسية غير املجدية وهو اآلن يواجه نتيجة ذلك كله. ملاذا اآلن؟ هذا سؤال ما زال يجد صداه وبخاصة في أقنية إعالم النظام القطري، والواقع أن املنطقة كلها في حالة تنظيف وتخلص كبير من عوالق الفوضى التي انطلقت العام 2011 والتي كـان للنظام القطري دور كبير في إذكائها. بدأت عملية مواجهة اآلثار وتنظيف املنطقة قبل رحيل الرئاسة األمريكية السابقة، وتحديدا مع انطالق عمليات عاصفة الحزم في اليمن التي مثلت إعالنا للعالم بأن الدول الكبرى في املنطقة ستكون العبا مؤثرا في إدارة كل ملفات املنطقة وستواجه ما يحيط بها من أخطار وتحديات، وسيتم ذلك بيدها مباشرة وليس بأيدي الحلفاء التقليديني، أيضا فإن املسؤولية التاريخية واألمنية والجغرافية تقضي بأن على دول االستقرار العمل على إنقاذ الدول املضطربة والحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من الدولة العربية وانطالق تلك الدول من واقعها املستقر لبناء استقرار أشمل للمنطقة. وســط كـل ذلــك كــان البــد مـن الـوصـول إلــى لحظة مواجهة مـع الالعبني الصغار القادرين على التخفي واالستتار خلف األعـداء األكبر واألكثر وضوحا، بالتأكيد كان النظام القطري يدرك أن موقعه في قلب الخليج وقربه وعالقته قد تشكل له عامل حماية وأن إيران مثال ستكون أولوية في املواجهة نظرا لعدائها الواضح والصريح لدول املنطقة وأن ما قامت به يمكن إنكاره سريعا أو االعتذار عنه كما حدث في العام .2014 الواقع أن املنطقة واجهت األعــداء الواضحني وضربت إيـران في اليمن وقطعت عالقاتها مع طهران وجمعت الواليات املتحدة والعالم العربي واإلســالمــي فـي أكبر قمة عاملية فـي الــريــاض، وجــاء الـوقـت ألن تكتمل عملية التطهير الحقيقية للمنطقة من كل األعداء، نحن اآلن في املرحلة الـثـانـيـة؛ األعــــداء الــداعــمــون لــألعــداء وهـــذا بالفعل مــا يـقـوم بــه النظام القطري. إذن؛ لــو لــم تشهد املنطقة كــل تـلـك املــواجــهــات الــصــارمــة مــع الفوضى وصناع الفوضى ملا كان الدور قد وصل إلى النظام القطري الذي ظلت تصرفاته ورهاناته السياسية عائقا حقيقيا لدول املنطقة في تحقيق االستقرار في اليمن وفـي سورية وفـي الـعـراق وفـي لبنان وفـي الحرب على اإلرهاب أيضا. تمت املقاطعة ومـنـح الـنـظـام الـقـطـري مهلة أخـيـرة ليستجيب ملطالب الدول الداعية ملكافحة اإلرهـاب، تلك املطالب التي تمثل بالفعل عوائق واضحة أمــام سعي دول املنطقة لبناء االستقرار والتخلص من بقايا الفوضى التي كادت تعصف باملنطقة. لـم تستجب قطر واشـتـد الـصـراع الداخلي هناك بـني أقـطـاب املجموعة الحاكمة سواء الظاهرة أو التي وراء الكواليس، وجاء الرد القطري سلبا ليواصل النظام توريط بالده وليثبت لشعوب املنطقة أن كل اإلجراءات التي اتخذت بحقه كانت صوابا. أهــم مــا فــي اجـتـمـاع الــقــاهــرة الـــذي عـقـد األربــعــاء والــبــيــان الـــذي صدر الخميس أنه لم يحمل إجـراءات مفاجئة أو حادة، إنه بذلك يكرس أهم خطوة وهــي اعتبار املقاطعة أمــرا نـافـذا ومستمرا حتى يعلن النظام تغيير سياسته أو يبدل منهجه أو حتى أشخاصه الفاعلني. وهكذا تصبح املقاطعة واقعا وعلى النظام القطري أن يواجه مصيره وأن يدرك أن باب العودة سيظل مفتوحا، ولن تصبح األخبار الواردة من قطر محل اهتمام يومي، إنه النظام املنبوذ في البلد املغلوب على أمره. أما نحن فقد أحكمنا مقاطعة الثعبان وتركناه في جحره وانصرفنا ألعمالنا.