Okaz

تواطأت وأّخرت احلسم!

- أحمد الشميري، حسن باسويد (جدة)

استبعاد قطر من قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، جاء بعد عالقات مشبوهة ورصد قوات التحالف اتصاالت بني الدوحة وامليليشيا­ت االنــقــا­لبــيــة، إضــافــة إلـــى سـجـل طــويــل مــن ضــخ الــريــال الــقــطــ­ري لجماعات متشددة كتنظيمي «القاعدة» في الجزيرة العربية و«داعش» اإلرهابيني. ويكشف وزير الدولة اليمني صالح الصيادي لـ «عكاظ» سعي الدوحة إلطالة أمد الصراع وتعطيل الحسم العسكري في مناطق عـدة، ويتهم الصيادي، صـراحـة، قطر باملساهمة عبر عناصر تعمل داخــل إطــار مؤسسة الشرعية اليمنية في تأخير «الحسم العسكري». ويستدل الصيادي على ذلك بتهرب الدوحة من التزاماتها التي قد قطعتها في جبهة تعز كشريك في التحالف، مضيفًا «كما قد تخلت في السابق عن دعم وإعمار اليمن، ظلت سنوات تدعم الحوثيني عبر مؤسسة قطر الخيرية بالتنسيق مع جمعيات إخوانية مشبوهة تديرها قيادات إخوانية». وتربط «اإلخوان املسلمني» في اليمن عالقات إستراتيجية مع الدوحة، بدأت منذ أكثر من عقدين، ويتهم مراقبون يمنيون الدوحة بالعمل املـزدوج في بالدهم، إذ يشيرون إلى دعم الحكومة القطرية للحوثيني في حروبهم ضد الحكومة اليمنية فـي وقــت ضخت أمــواال بسخاء ضـد حـركـات وجمعيات حزب اإلصالح اليمني. ويتشابه الدور القطري في اليمن بتنفس األوكسجني، حني يمكن اإلحساس بــه إال أنــه مــن الـصـعـب اإلمــســا­ك بــه بـالـيـد، وفــي حــني ال يـشـكـل الـيـمـن بحد ذاتــه أهمية كبرى بالنسبة للدوحة، إال أن موقعه الجغرافي على الحدود الجنوبية للسعودية، باعتباره مسرحًا وامتدادًا لكثير من األحداث الجارية فــي املنطقة، أمــر يبعث على هــذه األهـمـيـة املــتــزا­يــدة الـتـي توليها الدوحة لصنعاء. ولعبت الدوحة دورًا سياسيًا فاعال في اليمن، امتدادًا لدورها الذي بدأ خالل حرب عام ،1994 بني شريكي الوحدة اليمنية حينها علي عبدالله صالح (الرئيس اليمني السابق) وعلي سالم البيض (األمني العام السابق للحزب االشـتـراك­ـي الـحـاكـم) وحلفائهما، وقــد اسـتـأنـف هــذا الـــدور فـي خــالل حرب الحكومة اليمنية مع الحوثيني التي شكلت مدخال مناسبًا لقطر، للعودة إلى اليمن، ففي عامي 2007 ،2008و كانت قطر الالعب األول في أبرز امللفات اليمنية، إذ استطاعت جر الحوثيني إلى صفها عبر مبادرتها لوقف الحرب بني الدولة والحوثيني في العام ،2008 التي حينها أعطت قطر والدة جديدة للحوثيني، وقد أطلق عليها الرئيس السابق الحقًا اسـم اتفاقية «الـدوخـة» مع حـرف «الـخـاء» بـدال من «الـحـاء» تعبيرًا عن رفضه لها، تمامًا كما كانت غالبية األطراف اليمنية بما فيها الحكومة ترفض التدخل القطري الـذي أتـاح للحوثيني التحدث كطرف يساوي الدولة. وشكلت انطالقة شـرارة الثورات العربية في عام ،2011 فرصة ذهبية لقطر للدخول بكل ثقلها املادي واإلعالمي والسياسي ملساندة املعارضة اليمنية التي تشكلت أساسًا من اإلخــوان املسلمني، وعلى سبيل املثال حينما مولت الدوحة تأسيس قنوات تلفزيونية يمنية محسوبة على أحد تيارات اإلخوان املسلمني في اليمن وهي قناة «يمن شباب». وفي فبراير ،2012 أثبتت قطر أن نفوذها في اليمن أصبح مهوال، وهذا يعيدنا إلى طلب قطري-ليبي من الحكومة اليمنية بالكف عن محاربة القاعدة وقد أعلن القذافي وأمير قطر السابق استعدادهما للوساطة بني حكومة املخلوع والقاعدة كونها ليست هدف اإلرهاب، في إشارة منهما إلـى أن املستهدف في ذلـك هو الـريـاض. وبذلك تكون قطر قد تغلغلت في الشأن اليمني متجاوزة قواعد العمل السياسي السابقة لها في اليمن، لتصل إلى مفاصل ضغط قوية وخطيرة. وقــد كشفت معلومات صحفية وقــوف اإلخـــوان املـوالـني لقطر خلف عملية تجنيد عشرات اآلالف في الجيش واألمن اليمنيني في خالل سنوات ما يعرف بـ«الربيع العربي»، بل إنهم يتلقون منها دعمًا ماليًا لحزب اإلصالح (الذراع السياسية لإلخوان املسلمني في اليمن وأكـبـر أحــزاب تكتل اللقاء املـشـتـرك) يقدر بنحو 80 مليون دوالر أمريكي. وتعرف قطر أن السعودية تتعامل مع اليمن وفقًا لسياسة احتواء الخطر بكل الوسائل املتاحة، وعـدم السماح للتأثير على أمنها، في حني تتعامل الدوحة مع امللف اليمني، وفق التحالف مع وكالء محليني مثل الحوثيني لخوض معارك شرسة، طمعًا في الحصول على موطئ قدم أكبر في اليمن.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia