Okaz

من يسعف الشباب دينيا؟

- عبده خال Abdookhal2@yahoo.com

تــكــاد جـمـيـع الــبــرام­ــج الـديـنـيـ­ة تــكــون ذات نمط واحــد، يغلب على مقدميها الحفظ والنهل من الكتب التراثية من غير إعمال العقل في قضايا معاصرة، وظلت برامجنا الدينية املحلية تدور فــي حلقة مـفـرغـة حـتـى إن حفظة تـلـك البرامج نقلوا ملشاهدي برامجهم داء الحفظ. وبمجرد اإلصغاء لتلك البرامج يستطيع املتابع لها (تسميع) ما سوف يقال. وفـــي أيـــام ولــيــالـ­ـي رمــضــان املــنــصـ­ـرم تــم تقديم بـرنـامـجـ­ـن ديـنـيــن أحــدثــا نـقـلـة نـوعـيـة بحمل الـــنـــا­س إلــــى إعـــمـــا­ل الــعــقــ­ل فـــي الـــقـــر­آن والسنة أيـضـا، بحيث قـدم البرنامجان صياغة جديدة تتالء م مع معطيات العلم وتقفز بعقلية املشاهد لــتــجــا­وز كــم هــائــل مــن األقـــاوي­ـــل الــتــراث­ــيــة التي قـيـلـت فــي زمـنـيـتـه­ـا ولـــم يـعـد بـعـضـهـا صالحا لالستهالك في هذا الزمن. وكــــــان مــــن املـــفـــ­تـــرض أن يـــحـــدث البرنامجان تـفـاعـال إيـجـابـيـ­ا بــن مـقـدمـي الــبــرام­ــج الدينية قبل الجمهور، إال أن ذلك الكم املهول من الرؤى الحديثة التي ألقاها الدكتوران (محمد شحرور وعدنان إبراهيم) مضت ولـم يعقب عليها أحد مــن مـقـدمـي الـبـرامـج الـديـنـيـ­ة املـحـلـيـ­ة، والسبب ببساطة أن الـدكـتـور­يـن يميالن لتقديم (العقل على النقل)، وأعتقد أن مهمة القنوات الفضائية مـسـانـدة بـرامـجـهـ­ا املــعــتـ­ـادة بـبـرنـامـ­ج واحـــد أو اثنن يكونان خـارج الصندوق ويقدمان ثقافة فاخرة تنقل مجاميع الناس من زمنية الحفظ إلى زمنية العقل. وأقـــــول مـــن الــــضـــ­ـرورة بــمــكــا­ن تــقــديــ­م برامج دينية قادرة على مخاطبة الشباب املتعلم بما يفهم من براهن وأدلة وإقامة الحجة واملقدرة على االستنباط، واملقدرة العقلية التي يؤمن بها الشباب على أي نقل. وإذا كــــان هــنــاك شــبــاب مـــرقـــو­ا أو كــــــادو­ا أن يــمــرقــ­وا مــن الــديــن فـهـم أحــــوج ملــن يجادلهم بـاألسـالـ­يـب الـتـي يتقنونها، ومشكلة هؤالء الـشـبـاب أن رؤوســهــم تحمل عــشــرات األسئلة القلقة والشائكة والـتـي ال يـجـدون شيخا أو واعـــظـــ­ا يـجـيـب عـنـهـا بــمــا يـــتـــال­ءم مـــع الفهم العقلي، وألن هــؤالء الشباب ال يـقـدرون على اإلفــــصـ­ـــاح عـــن مــعــضــا­لتــهــم الــفــكــ­ريــة خشية الوقوع في التهم الجاهزة أو تلقيهم للدروس التي حفظوها عن ظهر قلب كإجابة حتمية ملا يعتري بالهم من أفكار لم تجد جوابا من قبل كل مشايخنا. وألن قضية هـــؤالء الـشـبـاب ليست مقتصرة عـلـى الــجــوان­ــب الفقهية بــل قــد تـتـعـداهـ­ا إلى جناب العقيدة، يصبح من واجبات املنشغلن في الوعظ واإلرشاد بسط التسامح واإلصغاء ملا يقال والرد بما يقبله العقل لشباب تم غمره في عمق الفلسفات الحديثة ولم يجد إغاثته مــمــا حــفــظ وســـمـــع، ولــــم تــرتــح لـــه مشاعره.. وأعتقد أن هــذا الــدور يتقدم على أي خطاب وعظي لم يقرأ يوما في الفلسفة أو الفيزياء أو الرياضيات (كل العلوم التطبيقية) فعقول الشباب لم يعد يروضها إال منطق العقل.

للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250, موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia