من هدم املوصل على رؤوس من فيها؟
طالت الـحـرب التي قادتها الــعــراق ومعها التحالف الــدولــي الستعادة املوصل عما هو متوقع لها، فإذا كانت داعش قد احتاجت بضع ساعات كي تحتل املوصل، فإن العراق ودول التحالف احتاجت عشرات الشهور بـــن اســتــعــداد وتـخــطــيــط وقـــتـــال كـــي تـسـتـعـيـد املـــوصـــل أو تــقــتــرب من استعادتها، غير أن الكارثة التي حلت بالعراق ليست في احتالل داعش للموصل بقدر ما هي اضطرار العراق أن يحيل املوصل إلى خرابة كي يستعيدها، حتى كأنما كانت عملية استعادة املوصل أشبه ما تكون بعملية تحرير رهائن تنتهي بمقتل الخاطفن واملخطوفن جميعهم، وإذا جاز أن يكون الخراب الذي حل باملوصل إنما هو نتيجة استماتة مقاتلي داعـش في الدفاع عن الوهم الـذي جعلهم يتخذون من املوصل عـاصـمـة لخالفتهم املــوهــومــة وافــتــقــار الـجـيـش الــعــراقــي للخبرة التي تجعله قادرا على استرداد ثاني أكبر وأعرق مدينة في العراق دون تدمير مساكنها ومعاملها على النحو الــذي شكل صدمة عاملية تــزداد اتساعا كلما ازدادت معالم الخراب وضوحا، إذا كـان ذلـك االحتمال جائزا فإن احتماال آخر يمكن له أن يفسر ذلك الخراب، فالحرب ضد داعش لم تكن حربا خالصة للتخلص من جماعة إرهابية، كما لم تكن معركة وطنية نزيهة تماما السـتـرداد سيادة الدولة العراقية على جـزء من أراضيها، وذلك يعود إلى سببن: أولهما الدور الذي لعبته إيران في هذه الحرب، ســواء باملشاركة الفعلية أو بالتخطيط عبر مستشاريها الـذيـن كانوا يقفون على الجبهة مـع الجنود العراقين، وثانيهما مشاركة الحشد الشعبي في هذه املعركة، وإذا لم يكن يخفى الحقد اإليراني القديم على العراق، وخاصة على الجانب السني منه، فإن مشاركة الحشد الشعبي جعلت الحرب على اإلرهاب تتحول إلى حرب طائفية قادتها امليليشيات الشيعية ضد السنة في العراق، ولم يكن إليــران كما لم يكن مليليشيات الحشد الشعبي أن يخوضا حربا ذكية تحافظ على املوصل من الدمار، فاملوصل لم تكن بالنسبة إليران إال مدينة في دولة أجنبية ظلت عقودا من الزمن يربطها العداء بها، كما أن املوصل لم تكن بالنسبة للميليشيات الشيعية إال مدينة يتمركز فيها السنة وال ضير في هدمها على رؤوس من فيها، سواء كانوا من تنظيم داعش أو من سكانها األصلين، لذلك كله أصبح تحرير املوصل حدثا ال يقل سوءا وخطرا عن احتاللها.
للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250, موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 165 مسافة ثم الرسالة