أشياء تسير خلف خالف
تــحــدث أمــــور عــديــدة فــي حـيـاتـنـا الــعــامــة وتكون جالبة للضحك الدفني.. وقبل أن أستكمل ضحكتي منفردا سوف أقول لكم سـبـب ذلــــك.. أوال نـحـن مــن اخـتـلـقـنـا وعــــاء ضخما وأســمــيــنــاه الــخــصــوصــيــة املــحــلــيــة، وأي ممارسة حـيـاتـيـة نــريــد أن تـفـتـح لـهـا األبـــــواب وأن ال تمنع نــســبــق ذلـــــك بـــالـــتـــأكـــيـــدات بــأنــنــا ســنــقــدمــهــا وفق الخصوصية املحلية... وهــذه الخصوصية ترقت حـتـى أن الــــــوزارات لــو احــتــاجــت الــبــت فــي أمـــر من األمور نجد مسؤولها يصرح: سوف يتم تنفيذ هذا األمــر وفـق ثوابت ديننا الحنيف، وهـي جملة درء لكي ال يتقول عليهم أحد املحتسبني (مثال) فتصبح الجملة السابقة هي الفاصل بني اإلجازة أو املنع. ولــــطــــاملــــا تـــــم تــكــيــيــف كـــــل شــــــيء لـــوضـــعـــه ضمن الخصوصية املحلية من غير التنبه أننا نخالف الـــبـــشـــر فـــــي كـــــل شــــــــيء، بــــــــدءا بــــــأن لـــكـــل مجتمع خصوصيته التي ال تمنع أن يعيش الـنـاس وفق مـــا وصـــلـــت إلـــيـــه مــعــارفــهــم وأن يــســمــوا األشياء بـمـسـمـيـاتـهـا فــيــقــال مــســرح وســيــنــمــا ومسلسل.. بينما تجد أن الخصوصية املحلية تتجرأ على ما هـو ثابت فـي العالم مـن مسميات أو مصطلحات وإدخــــــالــــــهــــــا إلـــــــى وعـــــــــاء الــــخــــصــــوصــــيــــة، وهــــــذه الـخـصـوصـيـة تـمـنـع املـوسـيـقـى والــغــنــاء والنحت والـرسـم والسينما، ولكي يتم تمرير هــذه الفنون تتغير مسمياتها لكي تتواجد بني الناس. ونكاد نكون نحن البلد الوحيد الــذي يطلق على الـــفـــنـــون أســـمـــاء غــيــر مــســمــيــاتــهــا فــالــســيــنــمــا لها اســم والــفــنــون التشكيلية لـهـا اســم والـتـصـويـر له اســـم حـتـى األدب وجــــد لــه اســـم لـكـي ال يــخــرج عن الـخـصـوصـيـة املـحـلـيـة، فـارتـفـعـت املـــنـــاداة باألدب اإلســـالمـــي فــتــأســس وغـــــدا ال يــمــنــح لــقــب الكاتب اإلسالمي إال ألنفار محدودين وما عداهم ال يطلق عليهم أدباء إسالميني.. وأذكر أنني حاججت أحد املنظرين لهذا املصطلح الغريب العجيب: إسالميا. وماذا تعد كتاباتي؟ فقال بعنجهية: أنت لست كاتبا فـــرددت عليه: ولكنني مسلم، ونفيك أن مـا أقوله ليس إسالميا هذا يعني نفيك إلسالمي أيضا. كــــان عــديــم الــلــيــاقــة األدبـــيـــة فـــقـــال: ومــــن قــــال إنك مسلم؟ أعـــلـــم أن الــقــضــاء ســــوف يــنــصــفــنــي مـــن تبجحه، لكنني أستطيع استيعاب ضيق العقول وأستوعب أن املــــؤدلــــج ال يــســتــطــيــع الــــخــــروج مــــن مدرسته األيــديــولــوجــيــة، لــكــن تــكــون الــخــشــيــة عــنــدمــا يتم أدلجة كل املجتمع وتتحول تلك األدلجة إلى بهتان ورفض كل مناشط الحياة ورفض كل ما لم يخرج من خرم اإلبرة تلك.. ملـــاذا أقـــول هـــــذا؟... كـنـت أتـصـفـح األخــبــار املحلية فوجدت خبرا عن إقامة نشاط مسرحي سيقام في مسرح املفتاحة بأبها، ووقـفـت على الخبر ينص على إقامة (املسرحية الرجالية).. قلت في نفسي إن هذا العنوان هو ضمن تقلبات أسماء ومصطلحات الــفــنــون لــديــنــا وأردت تــمــريــر جــمــلــة (املسرحية الــرجــالــيــة) عــن طـيـب خــاطــر، إال أن عــنــادا ركبني فلجأت للعم قـوقـل أبـحـث عـن أي مـكـان فـي الكون يقسم املـسـرح إلــى مسرح رجـالـي ومـسـرح نسائي، وعندما لم أجد افتر فمي عن ابتسامة... فلماذا ال نــقـول: مسرحية رجـالـيـة ريثما يكتب لها الزواج فتغدو مسرحية ليس لها طابع ذكوري أو نسوي؟
عبده خال Abdookhal2@yahoo.com