سوق عكاظ.. من «دامي السيف» إلى «سلطان الفضاء»
ربــمــا لــو أطـــل الــنــابــغــة الــذبــيــانــي مــجــددًا على صــخــرة (األثـــــيـــــداء) فـــي ســــوق عــكــاظ لجدد افتتانه بـاملـكـان واإلنــســان، وملــا زاد على قوله «لـو أنها عرضت ألشمط راهب.. عـــبـــد اإللــــــه صـــــــرورة مــتــعــبــد، لرنا لـــبـــهـــجـــتـــهـــا وحـــــســـــن حديثها، ولــخــالــه رشــــدًا وإن لــم يرشد، نـــــظـــــرت إلـــــيـــــك بــــحــــاجــــة لم تـــقـــضـــهـــا، نـــظـــر السقيم إلـــــى وجــــــوه الـــــعـــــود»، ولــتــمــلــكــتــه دهشة عـنـايـة أحــفــاده بموسمه الــســنــوي، وإعــادتــه إلــى الوجود بــحــلــة جـــديـــدة، مـــع احــتــفــاظــهــم بــحــس الــنــابــغــة، وشغفه بديوان العرب، ومنحه كل عام لشاعر بردته ليذيع صيته بني قبائل العرب مؤذنًا بمولد موهبة. وبما أن إحياء التراث من مهمات الدول الحضارية، فللملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله ريـادة في إعـادة الحياة إلــى ملتقى الـعـرب األول شعريًا وفنيًا وتـاريـخـيـًا. وكلف املؤرخ الدكتور عبدالوهاب عزام بالتحقق من موقع السوق وآثاره الباقية، فأدى املهمة وألف كتابا بعنوان (عكاظ). ثم جدد رئيس رعاية الشباب سابقا األمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز الدعوة إلى إحياء سوق عكاظ، وفي عهد امللك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله في 8241هــ عاد سوق عكاظ ملا هو أجمل من سابق عهده، إثر غياب استمر نحو 1300 سنة. وتولى مستشار خادم الحرمني الشريفني أمير منطقة مكة املـكـرمـة األمــيــر خـالـد الفيصل بما حـبـاه الـلـه مــن مواهب الشاعر وحس الفنان إخراج السوق من كونه حدثًا ثقافيًا إلى إطار مشروع حضاري متكامل يراعي مختلف جوانب التنمية ثقافيًا، وعلميًا، وفكريًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، وتــراثــيــًا، وتـكـاتـفـت مــع طـمـوحـاتـه وأسـهـمـت فــي إنجاحه وزارات وجــهــات حكومية عـــدة، كـمـا عــزز الـنـجـاح أهالي الطائف العاشقون للفن والجمال والــورد، وفي هذا العام سلم دايــم السيف عكاظ التاريخ واملـكـان واملــشــروع لرائد فــضــاء وســيــاحــة مــؤهــل لـتـسـويـق املــشــروع ومـأسـسـتـه، إذ تولته الهيئة الـعـامـة للسياحة والــتــراث الـوطـنـي بريادة وقيادة رئيسها األمير سلطان بن سلمان.