لن تعود املنطقة كما كانت
كثير ممن تابع فسخ عقد رواية ترمي بشرر أخذوا الهوامش ولم يتداخل معي حول املوضوع سوى القلة القليلة، وسلوك الدروب املتفرعة عند البعض سلوك من ال يعرف من الطرق السائدة إال الوعر منها. وكانت القضية املثارة عند البعض أن طقس السياسة غالبا ما يتبدل وال يستمر على كدره، إذ ال بد للسياسي من إيجاد منافذ لـلـعـودة مـن خــال املــفــاوضــات، وهــذا أمــر يعرفه أي مطلع على أسس مبادئ علم السياسة. وفـــي حــــاالت تـخـتـلـط األمـــــور اخــتــاطــا يـجـعـل الـحـلـيـم حيران، وما أحدثته قطر من إربـاك للمشهد السياسي الخليجي يجعل احتمالية الـعـودة إلـى الوضع الطبيعي السابق لن يتحقق في املــدى القريب أو املتوسط خصوصا أن اإلعــام القطري انتهج أساليب التحريض وادعاء كثير من األكاذيب عن الدول املقاطعة، ولــــم تــعــد الــقــضــيــة بـــني طــرفــني بـــل تـــعـــددت لـتـشـمـل املقاطعني وغيرهم، ولكل من تلك الـدول ثأر قديم في ذمة النظام القطري نتيجة للعبه غير النظيف. ومــع احــتــرامــي الـكـامـل لــأصــدقــاء (والـــقـــراء) فــإن قــــراري بفسخ عقد الــروايــة نـابـع مــن ذاتـــي مــن غير توجيه بـتـاتـا، وأعـتـبـر أن املثقف متى ما تم توجيهه لم يعد صالحا للكتابة بل يصبح أحد (األخوياء) الذي ال يركن إليه بتأدية أمانة أو ال يركن عليه حماية عرض.. واستقالية املثقف جوهر أساس في تركيبته الثقافية فا يهادن وال يرائي وال يتملق، وإنما يتبع رؤيته وتقييمه لأشياء وفق محصلته الثقافية، بغض النظر إن أصاب أو أخطأ.. ومــبــدأ املــواقــف الــرافــضــة ألي سـيـاسـة تنطلق مــن رفــض كــل ما مــن شــأنــه أن يـــؤدي بــاإلنــســان إلــى هــدم قيمته كــوجــود كـفـل له القانون حزمة من الحقوق والواجبات تبقيه عزيزا آمنا وتمنع عنه الـجـور والـتـعـدي، وإذا كــان هــذا حــال الـفـرد فمن بــاب أولى أن تتطبق هذه الحقوق والواجبات على الدول، بحيث ال تجور إحداها على األخرى وتسلمها إلى الفوضى والتمزق.. وفـــي مــوضــوع فـسـخ الـعـقـد وتـصـريـحـي عــن أســبــاب الـفـسـخ لم أتـطـرق بتاتا للشعب الـقـطـري، إذ أحـمـل لهم كـل مشاعر الحب واالحـــتـــرام، ولــي هـنـاك أحـبـة وأصــدقــاء كـثـر، وفــي حـالـة الفسخ تشابكت عــدة قضايا، كـل منها يــؤدي إلــى حتمية الفسخ، فقد بدأت القصة بإهمال الرواية من عام 2010 وانتهت بإعان قطر الـعـداء لـبـادي، وخــال فترة الــثــورات العربية كنت على اطاع متواصل بما أحدثه اإلخوان املسلمني من تمزيق للدول العربية وسعيهم إلـى الخافة اإلسامية على أنقاض الــدول والشعوب العربية، وكانت قطر وتركيا املساندين والداعمني األساسيني لتمزيق تلك الكيانات، فكانت كتاباتي الصحفية اليومية ساعية لكشف اللعبة املمارسة على أرض الواقع العربي، والــذي كانت فيه الثورات حلما من أجل إزالة األنظمة الفاسدة، ولكن تكشف الغموض حـول موجة الـثـورات العربية املتاحقة فـي كـل بقعة مع ظهور اإلخــوان كقادة لها، وكانت اإلشــارات األولــى تشي أن اإلخــــوان يـحـمـلـون شــعــار املــاضــي ونــبــذ الــوطــن وحــلــم االتساع تحت خيمة الخافة، ولو أن تلك الثورات حملت شعار املستقبل وتنمية الفرد وتحقيق العدالة لوجدت عشرات املثقفني يساندون تلك الثورات.. وكـانـت مواقفي نابعة مـن قناعتي كمثقف بــأن إسـقـاط النظام ليس كإسقاط الدولة، واستشعارا بأن اإلخوان سعوا إلى إسقاط الــدول واستبدال الحاضر واملستقبل بعملة املاضي وقفت منذ البدء ضد هذا املشروع الذي توضحت معامله مع مرور األيام.. وألن قطر كانت الداعمة لذلك املـشـروع وجــدت نفسي معارضا لنظامها السياسي وكاشفا عن األالعيب التي تمارس ضد الدول العربية، كنت (وما زلت) معارضا ألي نظام يسعى إلى التمزيق والقتل والتشريد، وفي حالة الوضع القطري أعلنت منذ البدء هـذا املوقف ولـم يطل الشعب القطري ذاتــه، وقلت وأقــول سوف أكــون خصما ألي أحــد يسعى للقتل املــادي أو املعنوي ويعمل على تمزيق وحدة الدول وتشريد شعب (أو إنسان واحد) سأكون خصما له حتى ولو كان ذلك داخل مجتمعي... والنظام القطري سعى وشارك في إسقاط دول لم نكن نتوقع بشاعة أن تغدو دوال عربية مدمرة فاشلة... أما الحديث عن الشعب القطري فهم في القلب وفـي العني، وعندما أرفــض سياسة النظام القطري فأنا أقف مع كل قطري يبحث عن العدل والخير واألمان.