Okaz

فن املعارضة !

- عزيزة المانع azman3075@gmail.com

مصطلح املعارضة له معان كثيرة، لكن أشهرها وأول مــا يـتـبـادر إلــى األذهــــا­ن منها املـعـارضـ­ة السياسية، واملــــعـ­ـــارضــــ­ة الــســيــ­اســيــة تــعــنــي مــخــالــ­فــة توجهات الحكومة القائمة والعمل بما هو ضدها، وقد يتضمن ذلك شيئا من العنف واألذى؛ فاكتسب هذا املصطلح كراهية لدى بعض الناس، وصــار لـه وقــع مرعب فـي نفوسهم، مما حــدا بكثيرين إلــى تجنب استعماله. لكني أطمئنكم أني لن أتحدث هنا عن هذا املصطلح املكروه، حديثي إليكم سيكون عن املعارضة الشعرية، وشتان ما بني اإلثنني. املعارضة الشعرية، ال عالقة لها بالعنف وال اإليـــذاء؛ فهي تعني مــحــاكــ­اة شـــاعـــر شـــاعـــرًا آخـــر فـــي قــصــيــد­ة مـــن قــصــائــ­ده املعروفة، فالقصيدة املعارضة يكتبها الشاعر ليحاكي بها قصيدة أخرى في بحرها وقافيتها وموضوعها وحركة رويها. و(حركة الروي، ملن ال يعرف، يقصد بها حركة الحرف الذي يشكل قافية القصيدة، كأن تكون قافية القصيدة س، فيحاكيها في حركة السني، مجرور أو مرفوع أو منصوب أو ساكن). والشعر العربي يحمل كثيرا من قصائد املعارضة، مثل قصيدة ابــن نباتة التي مطلعها (مــا الـطـرف بعدكم بالنوم مكحول،، هذا وكــم بيننا مـن ربعكم مـيـل)، عــارض فيها قصيدة كعب بـن زهير (بانت سعاد فقلبي اليوم متبول،، متيم إثرها لم يفد مكبول)، ومثل قصيدة الــبــردة للبوصيري (أمــن تـذكـر جـيـران بــذي سـلـم،، مزجت دمعا جرى من مقلتي بدم)، التي عارض فيها ميمية ابن الفارض الشهيرة (شربنا على ذكر الحبيب مدامة،، سكرنا بها، من قبل أن يخلق الكرم). وجـاء أحمد شوقي فعارض قصيدة البوصيري بقصيدته (نهج البردة) (ريم على القاع بني البان والعلم،، أحل سفك دمي في األشهر الحرم). لكن قصائد املعارضة ليست دائما جـادة، أحيانا تكون املعارضة بصورة ساخرة إما للنقد أو ملجرد الفكاهة، مثل قصيدة مصطفى رجــب الـتـي عــارض فيها رائـيـة أبــي فــراس الحمداني (أراك عصي الــدمــع شـيـمـتـك الــصــبــ­ر،، أمـــا لــلــهــو­ى نــهــي عـلـيـك وال أمـــــر؟)، فقال مصطفى: (أراك خلي الجيب شيمتك الفقر،، أما للغنى سعي لديك وال ذكر؟). وقصيدة إبراهيم طوقان التي عارض فيها المية شوقي الشهيرة (قــم للمعلم وفــه التبجيال،، كــاد املعلم أن يـكـون رسوال) فقال ساخرا من حال املعلمني: (شوقي يقول وما درى بمصيبتي،، قم للمعلم وفـه التبجيال،، لو جـرب التعليم شوقي سـاعـة،، لقضى الحياة شقاوة وخموال). وفي أيامنا املعاصرة، ظهر عدد من قصائد املعارضة التي تبارى ناظموها فـي استعراض قدرتهم على الـنـوح واللطم على مـا آلت إليه حال األمة العربية. بدأ نزار قباني فنظم بكائية يعارض بها قصيدة الرحباني التي غنتها فيروز (سيف فليشهر في الدنيا،، ولــتــصــ­دع أبـــــواق تـــصـــدع، اآلن اآلن ولــيــس غــــدا، أجـــــراس العودة فلتقرع)، فقال نزار: (غنت فيروز مغردة،، وجميع الناس لها تسمع، اآلن اآلن وليس غدا، أجراس العودة فلتقرع، من أين العودة فيروز، والعودة تحتاج ملدفع). وتاله تميم البرغوثي بقصيدة أشد لطما وصياحا، مؤكدا أن حال العرب اليوم أكثر سوء ا، (عفوا فيروز ونزار، فالحال اآلن هو األفظع، إن كــان زمانكما بشعا، فـزمـان زعامتنا أبــشــع). وعــارضــه الشاعر العراقي مظفر النواب بقصيدة يقول فيها: (عفوا تميم البرغوثي، إن كنت سـأقـول األفــظــع، بـغـداد لحقت بـالـقـدس، والـكـل على مرأى ومسمع). للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250, موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia