االنتقام من كل النساء

هـــدأت املــخــاوف واطـمـأنـت األنــفــس أخــيــرًا، بعد أن أعلنت الجهات األمنية -مشكورة- إلقاءها القبض على (حـارق النساء)، الذي أقدم خالل أيام عيد الفطر على سكب مادة األسيد الحارقة على عدد من النساء في بعض األسواق التجارية بجدة، وقد أرجأ الجاني فعلته الشنيعة إلى رغبته في االنتقام من كل النساء بعدما رفضت الكثير من الفتيات الزواج منه، موضحًا أن الالتي تعرضن لإليذاء ال عالقة لهن بأزمته النفسية، وأنـه كـان يستهدفهن بطريقة عشوائية دون ترصد! عـذر االنتقام مـن كـل النساء، هـو فكرة خبيثة عــادة مـا يلجأ إليها الجناة بعد أن يقروا ويعترفوا أمام املحققني بجريمتهم، فال يبقى أمـامـهـم مــن حيلة ســوى مـحـاولـة كـسـب تـعـاطـف املـحـكـمـة والناس معهم، وغالبًا ما ينجحون في ذلك! أول من اخترع فكرة االنتقام من كل النساء، هو سفاح تكساس إدوارد جني (ملهم أفالم الرعب) واملولود عام ،م1906 حيث أوضح شهود عيان أنـه آخـر من ارتــاد متجر السيدة قبل اختفائها، وكــان هادئًا ومبتسمًا كعادته، لهذا رأت الشرطة ضرورة زيارة مزرعته وسماع إفـــادتـــه، لـيـفـاجـأوا بـمـجـرد دخــولــهــم بــرائــحــة كـريـهـة تـغـطـي املكان وبـعـشـرات الجثث املـكـومـة، بعضها معلق كالذبيحة وبعضها تم تقطيعه بطريقة وحشية، لدرجة أن محضر التفتيش تضمن األحراز التالية: أطباقًا مصنوعة من الجماجم، كراسي وأحـذيـة معدة من جلود البشر، حزامًا مطرزًا بالحلمات وشفتني كانتا قيد الطهي! أعــــرف أن رائــحــة الــــدم بــــدأت تــفــوح مــن هـــذه الــــزاويــــة، كــمــا بدأتم تتخيلون طـريـقـة اإلعــــدام الـتـي نـفـذت بـحـق هــذا الـسـفـاح الخطير، والـذي لو سلم ألهالي الضحايا ألكلوه نيًا، ولكن الصدمة أن هذه التفاصيل البشعة، لم تكن كافية حتى لسجنه، حيث وافقت املحكمة على طلب محاميه وأمــرت بإحالته للطب النفسي، قبل أن تكتفي بإيداعه املصحة، معللة ذلك بأن التشخيص أكد أنه كان يعتقد وهو صغير أن جميع نساء العالم أدوات للشيطان وأنهن يلوثن فطرة الله في الحياة! جريمة (املقيم السوري) بجدة كان يمكن لها أن تتطور، حتى يصيب الذعر كل النساء فيتخيلنه وهو يجوب أزقة الحي العشوائي حامال منشاره الكهربائي وسـط الـدخـان، ولكن يقظة األمـن أزالــت كل تلك الــهــواجــس، وكــل مــا نتمناه اآلن هــو أن ال يـطـول أمــد املـحـاكـمـة، أو نفاجأ بعد سنوات بمقدار الحكم الـصـادر بحقه، أو بـإعـادة النظر في القضية، يجب التعامل مع مثل هذه القضايا التي تتسم بالغيلة وترويع اآلمنني بكل سرعة وصرامة، ويجب التعاطي مع مثل هذه الفصيلة املتوحشة من البشر بما تستحقه ال باملسح على رؤوسهم والطبطبة على أكتافهم بداعي اإلنسانية أو االعتالالت النفسية!